الحمد لله.
أولا :
أوقات النهي عن الصلاة ثلاثة على سبيل الاختصار، وخمسة على سبيل البسط ، وهي :
من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس .
ومن طلوع الشمس إلى ارتفاعها مقدار رمح ، ويقدر هذا الوقت باثنتي عشرة دقيقة ، والاحتياط جعله ربع ساعة .
وعند قيام الشمس في الظهيرة حتى تزول عن كبد السماء .
ومن بعد صلاة العصر إلى غروب الشمس .
وعند شروع الشمس في الغروب إلى أن يتم ذلك .
وأما على سبيل الاختصار فهي :
من الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد رمح .
وحين يقوم قائم الظهيرة إلى أن تزول .
ومن صلاة العصر حتى يتم غروب الشمس .
وانظر أدلة ذلك في جواب السؤال رقم (48998) .
ثانيا :
هذه الأوقات ينهى فيها عن صلاة التطوع ، وأما فعل الفريضة ، أو قضاؤها ، فلا يتعلق به النهي .
"والأصل أن صلاة التطوع مشروعة دائما ؛ لعموم قول الله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا واعبدوا ربكم وافعلوا الخير لعلكم تفلحون ) الحج/ 77 ، وعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قضى له حاجة ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (سل . قال : أسألك مرافقتك في الجنة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : أو غير ذلك ؟ قال : هو ذاك - يعني : لا أسألك غيره - قال : فأعني على نفسك بكثرة السجود) .
وعلى هذا ؛ فالأصل في صلاة التطوع أنها مشروعة كل وقت للحاضر والمسافر ، لكن هناك أوقاتاً نهى الشارع عن الصلاة فيها ، وهذه الأوقات خمسة ... " انتهى من "الشرح الممتع" للشيخ ابن عثيمين رحمه الله .
ثالثا :
استثنى جماعة من الفقهاء أنواعاً من النفل يجوز فعلها في وقت النهي ، وهي :
1- ركعتا الطواف ؛ وذلك لما روى الترمذي (868) والنسائي (2924) وأبو داود (1894) وابن ماجه (1254) عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (يَا بَنِي عَبْدِ مَنَافٍ ، لَا تَمْنَعُوا أَحَدًا طَافَ بِهَذَا الْبَيْتِ وَصَلَّى أَيَّةَ سَاعَةٍ شَاءَ ، مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ) والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
2- إعادة الجماعة ، فمن صلى الفريضة ثم أتى مسجد جماعة فوجدهم يصلون ، فإنه يصلي معهم ، ولو كان في وقت نهي ، وصلاته معهم نافلة ، وذلك لما روى الترمذي (219) والنسائي (858) عن يَزِيدَ بْنِ الْأَسْوَدِ الْعَامِرِيُّ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لرجلين لم يصليا معه ، لأنهما كانا صليا في رحالهما : (إِذَا صَلَّيْتُمَا فِي رِحَالِكُمَا ثُمَّ أَتَيْتُمَا مَسْجِدَ جَمَاعَةٍ فَصَلِّيَا مَعَهُمْ ، فَإِنَّهَا لَكُمَا نَافِلَةٌ) . والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي.
3- السنة الراتبة إذا شغل عنها حتى دخل وقت النهي ، وكذلك سنة الظهر البعدية في حال جمع الظهر مع العصر ، فيجوز فعلها بعد صلاة العصر . وقد شُغل النبي صلى الله عليه وسلم عن سنة الظهر البعدية ، فصلاها بعد العصر ، رواه البخاري (1233) ومسلم (834) .
4- من دخل يوم الجمعة والإمام يخطب ؛ فإنه يصلي ركعتين خفيفتين ، وذلك لما روى البخاري (931) ومسلم (875) عن جابر رضي الله عنه قَالَ : دَخَلَ رَجُلٌ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ ، فَقَالَ : (أَصَلَّيْتَ ؟ قَالَ : لَا . قَالَ : قُمْ فَصَلِّ رَكْعَتَيْنِ) .
5- صلاة الجنازة تفعل في أوقات النهي الطويلة ، إجماعا ، أي بعد طلوع الصبح حتى تطلع الشمس ، وبعد صلاة العصر إلى غروبها .
قال ابن قدامة رحمه الله : "أما الصلاة على الجنازة بعد الصبح حتى تطلع الشمس , وبعد العصر حتى تميل للغروب , فلا خلاف فيه , قال ابن المنذر : إجماع المسلمين في الصلاة على الجنازة بعد العصر والصبح .
وأما الصلاة عليها في الأوقات الثلاثة التي في حديث عقبة بن عامر فلا يجوز .
(ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن , وأن نقبر فيهن موتانا) . وذكره للصلاة مقرونا بالدفن دليل على إرادة صلاة الجنازة . قال الأثرم : سألت أبا عبد الله [يعني : الإمام أحمد] عن الصلاة على الجنازة إذا طلعت الشمس ؟ قال : أما حين تطلع فما يعجبني . ثم ذكر حديث عقبة بن عامر . وقد روي عن جابر , وابن عمر نحو هذا القول , وذكره مالك في " الموطأ " عن ابن عمر . وقال الخطابي : هذا قول أكثر أهل العلم .
وإنما أبيحت بعد الصبح والعصر لأن مدتهما تطول , فالانتظار يخاف منه عليها , وهذه مدتها تقصر" انتهى من "المغني" (1/425) باختصار وتصرف .
رابعا :
اختلف الفقهاء في بعض النوافل ، هل يشرع فعلها في أوقات النهي أم لا ، ومن ذلك اختلافهم في ذوات الأسباب كتحية المسجد وسنة الوضوء ، فمنهم من جوز فعلها في وقت النهي ، وهو مذهب الشافعي رحمه الله واختاره جمع من العلماء ، وهو الراجح ، ومنهم من منع ذلك ، ولم يفرق بين النفل المطلق ، والنفل الذي يفعل لسبب خاص . وانظر جواب السؤال رقم (306).
والله أعلم .
تعليق