الحمد لله.
أولا :
للأب أن يأخذ من مال ولده ، ما احتاج إليه ، إذا كان لا يضر بالابن .
وذلك لما روى ابن ماجه (2291) وابن حبان في صحيحه (2/142) من حديث جابر ، وأحمد (6902) من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنه أَنَّ رَجُلا قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنَّ لِي مَالا وَوَلَدًا وَإِنَّ أَبِي يُرِيدُ أَنْ يَجْتَاحَ مَالِي ، فَقَالَ : ( أَنْتَ وَمَالُكَ لأَبِيكَ ) . والحديث صححه الألباني في صحيح ابن ماجه .
وهذا الأخذ مشروط بشروط بينها الفقهاء ، قال ابن قدامة رحمه الله : " ولأبٍ أن يأخذ من مال ولده ما شاء , ويتملكه , مع حاجة الأب إلى ما يأخذه , ومع عدمها , صغيرا كان الولد أو كبيرا , بشرطين :
أحدهما : أن لا يجحف بالابن , ولا يضر به , ولا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته .
الثاني : أن لا يأخذ من مال ولده فيعطيه الآخر . نص عليه أحمد ، وذلك لأنه ممنوع من تخصيص بعض ولده بالعطية من مال نفسه ، فلأن يمنع من تخصيصه بما أخذ من مال ولده الآخر أولى . وقد روي أن مسروقا زوج ابنته بصداق عشرة آلاف , فأخذها , وأنفقها في سبيل الله , وقال للزوج : جهز امرأتك .
وقال أبو حنيفة ومالك والشافعي : ليس له أن يأخذ من مال ولده إلا بقدر حاجته ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام , كحرمة يومكم هذا , في شهركم هذا ) متفق عليه " انتهى من "المغني" (5/395) .
وقد ورد ما يؤيد ما ذهب إليه الجمهور من اشتراط حاجة الأب ، وهو ما رواه الحاكم ( 2 / 284 ) والبيهقي ( 7 / 480 ) عن عائشة رضي الله عنها قالت : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن أولادكم هبة الله لكم يهب لمن يشاء إناثاً ويهب لمن يشاء الذكور فهم وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها ) . والحديث صححه الشيخ الألباني في " السلسلة الصحيحة " ( 2564 ).
فإذا احتاج الأب للمال فله أن يأخذ من مال ولده ، فينفق على نفسه وعلى من يعول ، بشرط ألا يضر بالابن وألا يأخذ شيئا تعلقت به حاجته ، كسيارته التي يركبها ونحو ذلك . وانظر السؤال رقم (9594)
ثانيا :
شرب الشيشة محرم ، والمال المكتسب منه محرم كذلك ، لكن إذا كان في المقهى ما يباح أكله أو شربه ، كالشاي والقهوة وما شابه ذلك ، فالمال الذي يجنيه أخوك من المقهى يُعدّ مالا مختلطا ، اجتمع فيه الحلال والحرام ، وما كان كذلك فإنه يجوز للغير أن يأكل منه ، وأن يتعامل مع صاحبه بالبيع والشراء وقبول الهبة ونحو ذلك ، وإن كان الورع ترك معاملته والأخذ من ماله ، لكن حيث كان الأب محتاجا لهذا المال فلا حرج عليه في الأخذ منه ، مع نصح الابن بتقوى الله تعالى ، وترك التعامل بالحرام .
قال الدسوقي رحمه الله : " اعلم أن من أكثر ماله حلال وأقله حرام ، المعتمد جواز معاملته ومداينته والأكل من ماله ، وأما من أكثر ماله حرام والقليل منه حلال فمذهب ابن القاسم كراهة معاملته ومداينته والأكل من ماله وهو المعتمد ، وأما من كان كل ماله حرام وهو المراد بمستغرق الذمة فهذا تمنع معاملته ومداينته ويمنع من التصرف المالي وغيره " انتهى من "حاشية الدسوقي" (3/277) باختصار . وانظر السؤال رقم (45018) .
وانظر في حكم لعب الورق السؤال رقم (12567) ورقم (321) .
والله أعلم .
تعليق