الحمد لله.
من استعار من غيره شيئا ، لزمه رده إليه ، سواء كان قليلا أو كثيرا ، عظيما أو حقيرا ؛ أداءً للأمانة كما أمر الله تعالى بقوله : إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا النساء/58 ، وقال النبي صلى الله عليه وسلم : أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنْ ائْتَمَنَكَ رواه الترمذي (1264) وأبو داود (3534) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
فالواجب رد هذه الأشرطة إلى أصحابها ، أو الاتصال عليهم وطلب السماح منهم ، فإن لم يمكن الوصول أو التعرف على بعضهم ، فتصدق بما لهم عندك ، على أنك متى وجدتهم خيرتهم بين أمرين : إما أن يكون لهم ثواب الصدقة ، وإما أن يكون لك ثوابها وتعطيهم بدل أشرطتهم .
وقد سئل الإمام أحمد رحمه الله : عن رجل عنده رهون كثيرة , لا يعرف أصحابها , فقال : إذا أيست من معرفتهم , ومعرفة ورثتهم , فأرى أن تباع ويتصدق بثمنها , فإن عرف بعد أربابها , خيرهم بين الأجر أو يغرم لهم . المغني (4/264) .
وقال شيخ الإسلام رحمه الله : " المال إذا تعذر معرفة مالكه ، صرف في مصالح المسلمين عند جماهير العلماء كمالك وأحمد وغيرهما ؛ فإذا كان بيد الإنسان غصوب [ يعني : أموال مغصوبة ] أو عوارٍ [ جمع عارية : وهي ما يستعيره الإنسان من غيره ] ، أو ودائع أو رهون ، قد يئس من معرفة أصحابها ، فإنه يتصدق بها عنهم ، أو يصرفها في مصالح المسلمين ، أو يسلمها إلى قاسم عادل يصرفها في مصالح المسلمين ، المصالح الشرعية ...
وكان عبد الله بن مسعود قد اشترى جارية فدخل بيته ليأتي بالثمن ، فخرج فلم يجد البائع ، فجعل يطوف على المساكين ويتصدق عليهم بالثمن ويقول : اللهم عن رب الجارية ؛ فإن قبل فذاك وإن لم يقبل فهو لي ، وعلي له مثله يوم القيامة !!
وكذلك أفتى بعض التابعين من غل من الغنيمة ( أي : أخذ منها من غير حق ) وتاب بعد تفرقهم ، أن يتصدق بذلك عنهم ، ورضي بهذه الفتيا الصحابة والتابعون الذين بلغتهم كمعاوية وغيره من أهل الشام " مجموع الفتاوى (29/321) .
وجاء في فتاوى اللجنة الدائمة (15/406) فيمن عنده أمانة لغيره : " إذا كان الواقع كما ذكر فإن شئت فاحفظه واجتهد في التعرف على الرجل المذكور ، وإن شئت فتصدق بالمبلغ الموجود لديك على الفقراء، أو ادفعه في مشروع خيري بنية أن يكون ثوابه لصاحبه، فإن جاءك بعد صاحبه أو وارثه فأخبره بالواقع ، فإن رضي فبها ، وإلا فادفع له المبلغ ، ولك الأجر إن شاء الله ".
والله أعلم .
تعليق