الحمد لله.
أولا :
إذا نذر الإنسان أن يذبح شاة مثلا إذا نجى الله قريبا له ، فهذا من نذر الطاعة الذي يجب الوفاء به ، وإذا كانت الأم قد ماتت قبل الوفاء بنذرها ، فيعتبر هذا دينا عليها ، يُخرج من تركتها ، فإن لم يكن لها مال ، فيستحب لأبنائها أن يقضوه عنها ، فقد روى البخاري (2761) ومسلم (1638) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ سَعْدَ بْنَ عُبَادَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ اسْتَفْتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : إِنَّ أُمِّي مَاتَتْ ، وَعَلَيْهَا نَذْرٌ ، فَقَالَ : ( اقْضِهِ عَنْهَا ) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " وَقَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَاقْضِهِ عَنْهَا ) دَلِيل لِقَضَاءِ الْحُقُوق الْوَاجِبَة عَلَى الْمَيِّت , فَأَمَّا الْحُقُوق الْمَالِيَّة فَمُجْمَعٌ عَلَيْهَا . وَأَمَّا الْبَدَنِيَّة فَفِيهَا خِلَاف .
ثُمَّ مَذْهَب الشَّافِعِيّ وَطَائِفَة أَنَّ الْحُقُوق الْمَالِيَّة الْوَاجِبَة عَلَى الْمَيِّت مِنْ زَكَاة وَكَفَّارَة وَنَذْر يَجِب قَضَاؤُهَا , سَوَاء أَوْصَى بِهَا أَمْ لَا كَدُيُونِ الْآدَمِيّ .
وَاعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبنَا وَمَذْهَب الْجُمْهُور أَنَّ الْوَارِث لَا يَلْزَمهُ قَضَاء النَّذْر الْوَاجِب عَلَى الْمَيِّت إِذَا كَانَ غَيْر مَالِيّ , وَلَا إِذَا كَانَ مَالِيًّا وَلَمْ يُخَلِّف تَرِكَة , لَكِنْ يُسْتَحَبّ لَهُ ذَلِكَ " انتهى باختصار .
ثانيا :
إذا نذر الإنسان أن يذبح شاة أو غيرها ، وجب عليه الوفاء بالنذر ، ولا يجزئه دفع القيمة .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن امرأة نذرت أن تذبح كل شهر خروفاً ، وقد وجدت صعوبة في شراء الخروف وذبحه وتوزيعه ، فهل يجوز لها دفع قيمة الخروف ؟
فأجابت :
"ليس في ذبح الخروف مشقة ، بل عليها أن تستمر على ذبحه وتفريق لحمه على الفقراء ، ولا يجزئ عنها دفع القيمة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه)" انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز .. الشيخ عبد الله بن غديان .. الشيخ عبد الله بن قعود .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (23/395) .
وعليه ؛ فلا يجوز إخراج النقود بدلا عن ذبح الشاة ، وكون السائلة تعيش في أوربا ، لا يمنع من أن تُوَكَّل من يذبح لها الشاة ويوزعها على الجيران والمعارف . إما في البلد الذي تقيم فيه أو في غيره .
والله أعلم .
تعليق