الحمد لله.
ما قمت به من أخذ المبلغ المذكور من البنكين ، عمل محرم ؛ لأنه من أكل أموال الناس بالباطل ، أي بغير وجه حق ، وقد قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ ) النساء/29.
ولو فرض أن أصحاب البنك من الكفار ، فإن هذا لا يبيح أخذ مالهم ، لأن المسلم إذا دخل بلاد الكفار بعهد وأمان ، لم يجز له خيانتهم ، ولم يحل له شيء من أنفسهم أو أموالهم .
قال الشافعي رحمه الله في "الأم" (4/263) : " إذا دخل قوم من المسلمين بلاد الحرب بأمان ، فالعدو منهم آمنون إلى أن يفارقوهم ، أو يبلغوا مدة أمانهم ، وليس لهم ظلمهم ولا خيانتهم " انتهى .
وقال السرخسي في "شرح السير الكبير" (2/507) : " ولو أن رهطا من المسلمين أتوا أهل الحرب فقالوا : نحن رسل الخليفة ، وأخرجوا كتابا يشبه كتاب الخليفة , أو لم يخرجوا , وكان ذلك خديعة منهم للمشركين . فقالوا لهم : ادخلوا . فدخلوا دار الحرب ، فليس يحل لهم قتل أحد من أهل الحرب , ولا أخذ شيء من أموالهم ما داموا في دارهم ؛ لأن ما أظهروه لو كان حقا كانوا في أمان من أهل الحرب , وأهل الحرب في أمان منهم أيضا ، لا يحل لهم أن يتعرضوا لهم بشيء .....
ولو استأمنوا (أي : طلبوا الأمان ) فآمنوهم وجب عليهم أن يفوا لهم .....
وكذلك لو قالوا : جئنا نريد التجارة . وقد كان قصدهم أن يغتالوهم ؛ لأنهم لو كانوا تجارا حقيقة كما أظهروا لم يحل لهم أن يغدروا بأهل الحرب , فكذلك إذا أظهروا ذلك لهم " انتهى .
وقال في "الهداية" –مطبوع مع نصب الراية- (4/304) : " وإذا دخل المسلم دار الحرب تاجرا فلا يحل له أن يتعرض لشيء من أموالهم ولا من دمائهم لأنه ضمن أن لا يتعرض لهم بالاستئمان , فالتعرض بعد ذلك يكون غدرا ، والغدر حرام إلا إذا غدر بهم ملكهم فأخذ أموالهم أو حبسهم , أو فعل غيره بعلم الملك ولم يمنعه ، لأنهم هم الذين نقضوا العهد , بخلاف الأسير لأنه غير مستأمن , فيباح له التعرض وإن أطلقوه طوعا " انتهى .
وينظر : سؤال رقم (72384) والاطلاع على فتوى اللجنة الدائمة المذكورة فيه .
وبناء على ما سبق فإنه يلزمك رد المال لأصحابه ، وعدم التواني في ذلك ، لأن من شرط التوبة : رد المظالم والحقوق إلى أهلها .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
تعليق