الحمد لله.
إذا كانت خالتك قد تركت لك المال وأوصتك ألا تعطي أخواتها منه شيئاً ، فهذا معناه أنه أوصت لك بكل التركة ، وهذا غير جائز ، وإنما تنفذ الوصية في ثلث التركة فقط ، وباقي التركة يقسم على الورثة حسب القسمة الشرعية ، فلوالدتك وخالتك الثلثان يقسمان بينهما بالسوية ، وباقي التركة يكون للعصبة إن وجد أحد منهم كالأعمام أو أبناء الأعمام ( الذكور فقط ) ، فإن لم يوجد أحد من العصبة ، فيرد إلى والدتك وخالتك مناصفة بينهما .
وعلى هذا :
إذا كان المبلغ الذي أخذتيه بعد وفاة خالتك هو ثلث التركة أو أقل فهو حقك ، ولا يلزمك رده إلى الورثة .
وإن كان أكثر من الثلث ، فالواجب عليك رد ما زاد عن الثلث إلى الورثة .
فعليك الاعتراف لهم بحقهم ، ورده إليهم ، فإن لم يكن معك مال فإنه يكون دينا عليك حتى تتمكني من سداده .
ثانياً :
دخولك السجن لا يسقط عنك رد المال إلى أصحابه ، لأن الواجب على من أخذ حق أخيه أن يرده إليه ، وعقاب الحاكم له لا يسقط عنه رد الحق ، كما أن السارق إذا سرق وأقيم عليه الحد والعقوبة الشرعية لا يسقط عنه رد المال المسروق إلى صاحبه .
المغني (12/453) .
والآن يلزمك إعطاء المال لهما ، فإن كنت عاجزة عن دفعه بقي دينا عليك حتى تتمكني من سداده ، ولا يسقط عنك لكونك دخلت السجن ، أو أصابك أذى وبلاء بسببهم .
قال الله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا ) النساء/58 .
وقال صلى الله عليه وسلم : (عَلَى الْيَدِ مَا أَخَذَتْ حَتَّى تُؤَدِّيَ ) رواه أحمد (20098) وأبو داود (3561) والترمذي (1266) وابن ماجه (2400) وقال شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند : حسن لغيره .
ولا يجوز لك التهاون في سداد هذا المبلغ ، فإن أكل الحقوق عظيم ، وعاقبته وخيمة ، نسأل الله العافية .
قال صلى الله عليه وسلم : (مَنْ كَانَتْ عِنْدَهُ مَظْلِمَةٌ لأَخِيهِ فَلْيَتَحَلَّلْهُ مِنْهَا ، فَإِنَّهُ لَيْسَ ثَمَّ دِينَارٌ وَلا دِرْهَمٌ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُؤْخَذَ لأَخِيهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ حَسَنَاتٌ أُخِذَ مِنْ سَيِّئَاتِ أَخِيهِ فَطُرِحَتْ عَلَيْهِ ). رواه البخاري (6534).
وينبغي أن تبيني لهم عزمك على السداد ، وأن تطلبي منهم الإمهال ، وإن عفت والدتك عن حقها ، جاز ذلك .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .
تعليق