الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

يريد أن يتزوج من فتاة كان على علاقة بها

87894

تاريخ النشر : 27-02-2007

المشاهدات : 137591

السؤال

أرجو من سماحتكم أن تساعدوني لأني في ورطة ، أنا تعرفت على بنت تعمل في منطقة بعيده عن أهلها ، واستمرت علاقتنا لمدة سنتين في حب وغرام ومقابلات وزنى ، لكن اتفقت معها على الزواج لأني لا أستطيع نسيانها ، وهي كذلك ، المهم من أول ما دخلت حياتها وهي تغيرت عن الأول ، واستقامت ؛ ويعلم الله أني أحببتها ولا أستطيع نسيانها ، فهل تنصحني بالارتباط بها ؟ لأني أعيش حالة عصبيّة جدّاً .

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
قبل الإجابة على سؤالك لا بدَّ لنا من تذكيرك بوجوب التوبة والندم على ما فعلتَ مع تلك المرأة ، وغير خافٍ عليك أنك وقعتَ في كبائر من الذنوب ، وأعظمها الزنا الذي نُصَّ على تحريمه في الكتاب والسنَّة ، وأجمع العلماء على تحريمه ، وأجمع العقلاء على قبحه وسوئه .
قال الله تعالى : ( وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلاً ) الإسراء / 32 .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ ) رواه البخاري ( 2475 ) ومسلم ( 57 ) .
وللزناة عذاب عظيم في البرزخ قبل عذابه في الآخرة ، فقد جاء في حديث الرؤيا المشهور – حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه : ( ... فَانْطَلَقْنَا – أي : النبي صلى الله عليه وسلم وجبريل وميكائيل - فَأَتَيْنَا عَلَى مِثْلِ التَّنُّورِ ، فَإِذَا فِيهِ لَغَطٌ وَأَصْوَاتٌ فَاطَّلَعْنَا فِيهِ فَإِذَا فِيهِ رِجَالٌ وَنِسَاءٌ عُرَاةٌ ، وَإِذَا هُمْ يَأْتِيهِمْ لَهَبٌ مِنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ ، فَإِذَا أَتَاهُمْ ذَلِكَ اللَّهَبُ ضَوْضَوْا (أي صاحوا) قَالَ : قُلْتُ لَهُمَا : مَا هَؤُلاءِ ؟ … قَالَ : قَالا لِي : أَمَا إِنَّا سَنُخْبِرُكَ … َأَمَّا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ الْعُرَاةُ الَّذِينَ فِي مِثْلِ بِنَاءِ التَّنُّورِ فَإِنَّهُمْ الزُّنَاةُ وَالزَّوَانِي ) رواه البخاري ( 6640 ) .
وقد أوجب الله تعالى في الزنا الحدّ ، فقال تعالى في بيان حدِّ الزاني البكر : ( الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ) النور/2 .
أما المحصن - وهو الذي قد سبق له الزواج - فجعل حدّه القتل فقد جاء في الحديث الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه ( 3199 ) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( وَالثَّيِّبُ بِالثَّيِّبِ جَلْدُ مِائة وَالرَّجْمُ ) .
وما قلناه لكَ فهو موجه للمرأة كذلك ، ولتعلم أن ذنبها أقبح ، وبما أنها – كما تقول – قد استقامت فنرجو أن تكون توبتها صادقة ، وأن يعفو الله عنها بمنِّه وكرمه .
ثانياً :
اعلم أنكما إذا لم تتوبا من ذنب الزنا : فإنه لا يحل لك الزواج بها ؛ لأن الله تعالى حرَّم نكاح الزاني والزانية حتى يتوبا ، قال تعالى : ( الزَّانِي لا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) النور/3 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
" هذا بيان لرذيلة الزنا ، وأنه يدنس عرض صاحبه ، وعرض من قارنه ومازجه ، ما لا يفعله بقية الذنوب ، فأخبر أن الزاني لا يقدم على نكاحه من النساء إلا أنثى زانية ، تناسب حاله حالها ، أو مشركة بالله لا تؤمن ببعث ولا جزاء ، ولا تلتزم أمر الله ، والزانية كذلك ، لا ينكحها إلا زان أو مشرك ( وَحُرِّمَ ذَلِكَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ ) أي : حرِّم عليهم أن يُنْكحوا زانياً ، أو يَنكحوا زانية .
ومعنى الآية : أن من اتصف بالزنا من رجل أو امرأة ، ولم يتب من ذلك : أن المقدم على نكاحه مع تحريم الله لذلك لا يخلو إما أن لا يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله : فذاك لا يكون إلا مشركاً ، وإما أن يكون ملتزماً لحكم الله ورسوله ، فأقدم على نكاحه مع علمه بزناه : فإن هذا النكاح زنا ، والناكح زانٍ مسافحٍ ، فلو كان مؤمناً بالله حقّاً : لم يقدم على ذلك ، وهذا دليل صريح على تحريم نكاح الزانية حتى تتوب ، وكذلك إنكاح الزاني حتى يتوب ، فإن مقارنة الزوج لزوجته ، والزوجة لزوجها ، أشد الاقترانات والازدواجات ، وقد قال تعالى : ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ ) أي : قرناءهم ، فحرَّم الله ذلك ؛ لما فيه من الشر العظيم ، وفيه من قلة الغيرة ، وإلحاق الأولاد الذين ليسوا من الزوج ، وكون الزاني لا يعفها بسبب اشتغاله بغيرها ، مما بعضه كاف للتحريم " انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 561 ) .
وسئل علماء اللجنة الدائمة :
زنى رجل ببكرٍ ويريد أن يتزوجها فهل يجوز له ذلك ؟
فأجابوا :
" إذا كان الواقع كما ذكر : وجب على كلٍّ منهما أن يتوب إلى الله فيقلع عن هذه الجريمة ، ويندم على ما حصل منه من فعل الفاحشة ، ويعزم على ألا يعود إليها ، ويكثر من الأعمال الصالحة ، عسى الله أن يتوب عليه ويبدل سيئائه حسنات ، قال الله تعالى : ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً . يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَاناً . إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً . وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحاً فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَاباً ) الفرقان/68 – 71 . وإذا أراد أن يتزوجها : وجب عليه أن يستبرئها بحيضة قبل أن يعقد عليها النكاح ، وإن تبين حملها : لم يجز له العقد عليها إلا بعد أن تضع حملها ، عملاً بحديث نهي النبي صلى الله عليه وسلم أن يسقي الإنسان ماءه زرع غيره " انتهى .
" فتاوى إسلامية " ( 3 / 247 ) .
فتوبا إلى الله تعالى ، وأصلِحا حاليكما ، وأكثرا من الأعمال الصالحة ، ويجوز لكم بعد ذلك التزوج ، ونسأل الله تعالى أن يقبل توبتكما ويعفو عنكما بفضله ورحمته .
وانظر السؤال رقم (85335)
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب