الحمد لله.
إذا تزوج الرجل من امرأة لها أولاد صغار ، وعلم بوجودهم حال البناء ، ولم يشترط سكنهم بعيدا عنه ، فإنه لا يملك منعهم من إقامتهم مع أمهم في بيته ، هذا ما قرره أهل العلم ؛ لأن سكوته حال العقد يعني رضاه بسكنهم معه .
وكذلك إذا لم يكن للصغار حاضن ينتقلون إليه ، أجبر الزوج هنا على إسكانهم معه .
قال الخرشي في شرحه على مختصر خليل (4/189): " والمعنى أن أحد الزوجين إذا كان له ولد صغير ، وأراد الآخر أن يخرجه عنه من المنزل ، فإن له ذلك بشرط أن يكون للولد من يحضنه ويكفله ، فإن لم يكن له من يحضنه فإنه يجبر على إقامته عنده ( إلا أن يبني وهو معه ) يعني أن أحد الزوجين إذا بنى بصاحبه ومعه ولد يعلم به صاحبه ، ثم بعد ذلك أراد أن يخرجه عنه ، ليس له ذلك ، وإن لم يكن عنده علم به فله الامتناع ، وهذا إذا كان للولد حاضن ، وإلا فلا امتناع لمن ليس معه الولد عن السكنى مع الولد ، سواء حصل البناء مع العلم به أو لا " انتهى .
وإذا كان الزوج يسيء المعاملة لأولادك ، بحيث يحصل لهم ضرر ببقائهم في بيته ، فلا حرج عليك في استئجار شقة خاصة لهم ، ولا حرج عليك في الذهاب إليهم والقيام بحوائجهم ، ولو اقتضى ذلك البقاء معهم نصف الأسبوع كما ذكرت ، إذا كانوا بحاجة لوجودك معهم هذه المدة ، ولا يملك الزوج منعك من ذلك ، لأن الأولاد لهم حق مؤكد في التربية والرعاية ، والتقصير إنما جاء من جهة الزوج ابتداء ، وهو بالخيار إن شاء قبل بهذا الوضع ، أو تزوج بأخرى ، أو فارقك .
وأما حديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، أن النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال :
( إِذَا بَاتَتْ الْمَرْأَةُ مُهَاجِرَةً فِرَاشَ زَوْجِهَا لَعَنَتْهَا الْمَلَائِكَةُ حَتَّى تَرْجِعَ ) رواه البخاري (5193) ومسلم (1736) ؛ فإنما تستحق المرأة هذا الوعيد ، وتلحقها اللعنة ، حيث لا يكون لها عذر شرعي في امتناعها من فراشه .
قال النووي رحمه الله ـ في شرح الحديث ـ : " هَذَا دَلِيل عَلَى تَحْرِيم اِمْتِنَاعهَا مِنْ فِرَاشه لِغَيْرِ عُذْر شَرْعِيّ " انتهى .
نسأل الله أن يصلح أحوالكما ، وأحوال المسلمين .
والله أعلم .
تعليق