الحمد لله.
أولا :
سبق في جواب السؤال رقم (50487) أن مطالع الأهلة تختلف ، ومع اختلافها فلكل بلد رؤيته ، ولا يلزم الصوم برؤية الهلال في البلد الآخر .
ثانيا :
الذي يظهر– والله أعلم – أن من دخل عليه شهر رمضان في بلد فإنه يلزمه الصوم مع أهل ذلك البلد ، حتى لو انتقل في ذلك اليوم إلى بلد آخر لم يعلن فيه عن دخول الشهر بعدُ ، وذلك لأن صوم ذلك اليوم قد وجب عليه بدخول شهر رمضان عليه في البلد الأول ، لقول الله تعالى: ( فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ) البقرة/185 . وهذا قد شهد الشهر فيلزمه الصيام .
ثالثا :
أما بالنسبة لأمر اعتبار عدد أيام الشهر ، والخلاف في هل يكمل رمضان على حساب البلد الأول ، أم على حساب البلد الذي انتقل إليه ؟
فالقاعدة التي يذكرها كثير من الفقهاء في هذا الباب هو أن للمنتقِل حكمَ البلد المنتقَلِ إليه ، كما في "المجموع" للنووي (6/274) ، فإذا أتم أهل البلد الثاني الصيام ثلاثين يوما صام معهم – ولو كان بالنسبة له هو اليوم الحادي والثلاثين – أما إن صاموا تسعة وعشرين يوما فلا إشكال حينئذ ، فإنه يكون قد أتم بذلك ثلاثين يوما ، والشهر يكون تسعة وعشرين ويكون ثلاثين .
قال النووي رحمه الله تعالى في "المجموع" (6/274) :
" لو شرع في الصوم في بلد ثم سافر إلي بلد بعيد لم يروا فيه الهلال حين رآه أهل البلد الأول فاستكمل ثلاثين من حين صام ( فإن قلنا ) لكل بلد حكم نفسه فوجهان ( أصحهما ) يلزمه الصوم معهم لأنه صار منهم .
ولو رأى الهلال في بلد ، وأصبح معيدا معهم فسارت به سفينة إلى بلد في حد البُعد فصادف أهلها صائمين ؟
قال الشيخ أبو محمد : يلزمه إمساك بقية يومه إذا قلنا لكل بلد حكم نفسه " انتهى .
وجاء في "تحفة المحتاج" (3/383) لابن حجر الهيتمي رحمه الله قال :
" وإذا لم نوجب الصوم على أهل البلد الآخر لاختلاف مطالعهما ، فسافر إليه من بلد الرؤية إنسان ، فالأصح أنه يوافقهم في الصوم آخرا وإن أتم ثلاثين ؛ لأنه بالانتقال إليه صار مثلهم " انتهى .
وجاء في "الإنصاف" من كتب الحنابلة (3/273) :
" قال في الرعاية الكبرى : لو سافر من بلد لرؤية ليلة الجمعة إلى بلد لرؤية ليلة السبت فبعد ، وتم شهره ولم يروا الهلال ، صام معهم " انتهى .
وقد سبق في موقعنا نقل فتاوى كثير من العلماء المعاصرين في تقرير هذا الحكم أيضا ، انظر جواب السؤال رقم (38101) ، (45545) ، (71203)
فيتحصل مما سبق أن الصواب كان مع من صام وأكمل صيام اليوم الأول من رمضان ، لأنكم كنتم في بلد ثبت فيها رؤية الهلال ذلك اليوم ، فوجب عليكم صيامه ، حتى لو دخلتم بلادكم – التي لم يعلن فيها الصيام – أثناء ذلك اليوم .
ثم لما انتقلتم إلى بلدكم الذي تأخر يوما عن صيام البلد الأول وجب عليكم الالتزام بصيام الناس فيه ، حتى لو بلغت الأيام التي صمتموها واحدا وثلاثين يوما .
والله أعلم .
تعليق