الحمد لله.
أولاً :
إنا لله وإنا إليه راجعون ، لقد قرأنا هذا السؤال مرات ومرات ، ونحن لا نصدق ما فيه ، وفي كل منه نتهم أنفسنا ، لعلنا لم نفهم السؤال جيداً ، ونتمنى أن يكون فهمنا خاطئاً ، ولكن وضوح السؤال قضى على تلك الأماني.
ألهذا الحد وصل الحال بالمسلمين ؟
لقد كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يمر بأسواق المسلمين ويسال التجار في أحكام البيوع والربا ومن جهل الجواب ضربه تعزيراً، ويقول : لا يبيع في سوقنا إلا فقيه.
فماذا عساه أن يفعل لو سمع مثل هذا السؤال.
لقد آلمنا هذا السؤال كثيراً ، وإننا ننتهز الفرصة ونصرخ في المسلمين : لقد أضعتم أنفسكم، وأضعتم الإسلام ، أضعتم أنفسكم بإعراضكم عن العلم الشرعي ، وبجهلكم بأبجديات الإسلام وعلومه الضرورية ، وأضعتم الإسلام حين أعطيتم صورة قاتمة مشوهة عنه.
نسأل الله تعالى أن يرد المسلمين إلى دينهم ردا جميلا ، وأن يرزقنا الفقه في دينه .
والسائل لم يخبرنا عن ذلك الحمل ، هل هو من نكاح أو من زنا؟ وهل هذه الحامل مطلقة أو مات عنها زوجها، أو لا يزال حياً وهي من عصمته ؟
وهل هذا الرجل الذي طلق زوجته وتزوج أختها انتظر حتى انقضت عدة زوجته المطلقة أم تزوج أختها في العدة ؟
ومهما كان جواب هذه الأسئلة فإنه لن يغير من الحكم الشرعي شيئاً، ولكنه قد يزيد من قائمة المنكرات والأعاجيب في تلك القصة.
ثانياً:
هذا النكاح المسئول عن نكاح باطل ، فإن نكاح المرأة المعتدة من طلاق أو وفاة في عدتها نكاح باطل بإجماع المسلمين ، قال الله تعالى : ( ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله ) يعني بذلك النهي عن عقد النكاح على امرأة وهي في فترة العدة حتى تنتهي عدتها.
وعدة الحامل بوضع الحمل ، قال الله تعالى : ( وأولات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن ) الطلاق / 4.
فإن كانت حاملاً من الزنى، فإن الأمر أشنع وأقبح، حيث يتضمن عدم المبالاة بهذه الجريمة والتحدث بها وكأنها شيء مباح.
وهذا الحمل لا يمكن أن ينسب لهذا الزوج بأي حال من الأحوال. كيف! وقد خُلق من غير مائه، ولم تكن المرأة زوجة له ، فكيف ينسب إليه ويدعيه ابناً له ؟
وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة حاملاً من السبي على باب فسطاط ، وكأن صاحبها يريد أن يجامعها ، وهي حامل من غيره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ أَلْعَنَهُ لَعْنًا يَدْخُلُ مَعَهُ قَبْرَهُ ، كَيْفَ يُوَرِّثُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ ؟ كَيْفَ يَسْتَخْدِمُهُ وَهُوَ لَا يَحِلُّ لَهُ) رواه مسلم (1441) .
وروى أبو داود ( 2158 ) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماءه زرع غيره ) يعني بذلك جماع الحامل من غيره، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود.
والحاصل : أن هذا النكاح باطل، والولد لا ينسب إلى هذا الزوج، وعلى جميع من اشترك في ذلك ، أو علم ولم ينكر أن يتوبوا إلى الله ، ويندموا على ما فعلوا، ويتبرؤوا من نسبة هذا الولد إلى غير أبيه.
ونسأل الله تعالى أن يصلح أحوال المسلمين وأن يلهمهم رشدهم.
والله أعلم.
تعليق