الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

أوصى للذكور وحرم الإناث فماذا يلزم الورثة

السؤال

قبل أن يموت جدي كتب وصية لتقسيم الأراضي والمباني وأتى بالشهود ووقعوا عليها وفي الوصية كان الإنصاف الكبير والكثير للذكور على حساب الإناث أي كتب لهم كل شيء تقريبا ولم يبق إلا غرفة صغيرة للإناث . أولا : ما حكم هذه الوصية ؟ أهي باطلة كما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ( لا وصية لوارث ) . ثانيا : عندما طالبت الإناث بحقهن الشرعي رفض الذكور رفضا قاطعا الحكم بغير الوصية الموصى بها فما حكم موقفهم ؟

الجواب

الحمد لله.


لا تجوز الوصية لوارث ؛ لما روى أبو داود (2870) والترمذي (2120) والنسائي (4641) وابن ماجه (2713) عن أَبي أُمَامَةَ رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ فَلَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
ولا تنفذ هذه الوصية إلا بموافقة الورثة ، لقول الرسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( لا تجوز الوصية لوارث إلا أن يشاء الورثة ) رواه الدارقطني وحسنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام.
قال ابن قدامة رحمه الله في "المغني" (6/58) : " إذا وصى لوارثه بوصية , فلم يُجزها سائر الورثة , لم تصح ، بغير خلاف بين العلماء . قال ابن المنذر , وابن عبد البر : أجمع أهل العلم على هذا . وجاءت الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فروى أبو أمامة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه , فلا وصية لوارث ) . رواه أبو داود . وابن ماجه , والترمذي ... وإن أجازها , جازت , في قول الجمهور من العلماء " انتهى .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (16/317) : " الوصية لا تجوز بأكثر من الثلث ، ولا تصح لوارث ، إلا أن يشاء الورثة المرشدون بنصيبهم ؛ لقوله عليه الصلاة والسلام : ( إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه ، فلا وصية لوارث ) رواهأحمدوأبوداودوالترمذيوابنماجهوالدارقطني وزاد في آخره : ( إلا أن يشاء الورثة ) " انتهى .
وبناء على هذا فما قام به جدك من الوصية للورثة الذكور وحرمان الإناث ، ظلم وإثم كبير ، فإن المال مال الله تعالى ، والإنسان مستخلف فيه ، يقوم فيه بما يرضي الله تعالى ، وقد قسم سبحانه الميراث بنفسه ، وحذر من التعدي على حدوده ، فقال بعد ذكر المواريث : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ ) النساء/13، 14 ، ولا أعجب من هذا الإنسان الذي يختم حياته بالظلم والمعصية ، ويأبى إلا أن يموت وقد خلّف وراءه الظلم والحرمان والقطيعة .
والواجب على الورثة إبطال هذه الوصية ، وقسمة التركة كما أمر الله تعالى ، ولا يجوز لهم الاعتداء على حق الإناث اعتماداً على هذه الوصية .
فإنهم بذلك مشاركون لذلك " الجد " في الإثم والعدوان ، بل إثمهم أكبر وأعظم ، لأنهم هم الذين اغتصبوا الحق من أهله في الحقيقة ، نسأل الله تعالى أن يهديهم ويلهمهم رشدهم .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب