الأربعاء 26 جمادى الأولى 1446 - 27 نوفمبر 2024
العربية

لا حرج من الذهاب إلى طبيب غير مسلم إذا كان ماهرا وأمينا

السؤال

أعاني من مرض في الجهاز الهضمي وأتعالج عند طبيب نصراني وأنا أتعالج عنده منذ شهرين تقريباً لأني كنت لا أعرف غيره ثم اكتشفت طبيباً مسلماً آخر . فهل أترك كورس العلاج عند الطبيب النصراني وأذهب إلى الطبيب المسلم . أم أكمل العلاج مع الطبيب النصراني؟

الجواب

الحمد لله.

إذا كان هذا الطبيب النصراني ثقة أمينا ماهرا في الطب ، وقد بدأت معه ، وترى تقدما في العلاج وتحسنا : فلا حرج من المواصلة معه ، ولا يلزمك تركه والذهاب إلى طبيب مسلم .

فإنّ طبيبا بارعا – وإن لم يكن مسلما – قد يوفر عليك كثيرا من الجهد والوقت والمال ، وقد يكتب الله تعالى البرء على يديه .

ولم يزل المسلمون قديما وحديثا يستعينون بالمهرة من الأطباء - ولو كانوا غير مسلمين – .

فقد روى ابن المقرئ في "معجمه" (352) عن المبارك بن سعيد قال : "أول ما بدأ سفيان – يعني الثوري - في الزهد ظننا أنه مريض ، فأخذنا بوله في قارورة ، وذهبنا إلى طبيب نصراني ، فقال : ما صاحبكم بمريض ، وما به إلا الخوف ، وما هو إلا بول راهب" .

وقال المروذي : "رأيت طبيبا نصرانيا خرج من عند الإمام أحمد ومعه راهب ، فقال : إنه سألني أن يجئ معي ليرى أبا عبد الله" .

"سير أعلام النبلاء" (11/211) .

وقال ابن القيم رحمه الله : "في استئجار النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أريقط الدؤلي هاديا في وقت الهجرة وهو كافر دليل على جواز الرجوع إلى الكافر في الطب والكحل والأدوية والكتابة والحساب والعيوب ونحوها ، ما لم يكن ولاية تتضمن عدالة ، ولا يلزم من مجرد كونه كافرا أن لا يوثق به في شيء أصلا ؛ فإنه لا شيء أخطر من الدلالة في الطريق ولا سيما في مثل طريق الهجرة" انتهى .

"بدائع الفوائد" (3/725) .

وقال ابن مفلح نقلا عن شيخ الإسلام ابن تيمية :

"إذَا كَانَ الْيَهُودِيُّ أَوْ النَّصْرَانِيُّ خَبِيرًا بِالطِّبِّ ثِقَةً عِنْدَ الْإِنْسَانِ جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ كَمَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُودِعَهُ الْمَالَ وَأَنْ يُعَامِلَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى : (وَمِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ إنْ تَأْمَنْهُ بِدِينَارٍ لَا يُؤَدِّهِ إلَيْكَ) .

وَإِذَا أَمْكَنَهُ أَنْ يَسْتَطِبَّ مُسْلِمًا فَهُوَ كَمَا لَوْ أَمْكَنَهُ أَنْ يُودِعَهُ أَوْ يُعَامِلَهُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَعْدِلَ عَنْهُ ، وَأَمَّا إذَا احْتَاجَ إلَى ائْتِمَانِ الْكِتَابِيِّ أَوْ اسْتِطْبَابِهِ فَلَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ مِنْ وِلَايَةِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى الْمَنْهِيُّ عَنْهَا ، وَإِذَا خَاطَبَهُ بِاَلَّتِي هِيَ أَحْسَنُ كَانَ حَسَنًا" انْتَهَى باختصار .

"الآداب الشرعية" (3/76) .

وسئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

المرأة المسلمة هل يجوز لها أن تعالَج عند المرأة النصرانية ؟

فأجاب :

"إذا وثِقَتْ فيها فلا بأس ، ودليل هذا : أن الرسول صلى الله عليه وسلم حينما سافر من مكة إلى المدينة في الهجرة استعمل رجلاً مشركاً يقال له : عبد الله بن أريقط ، من بني الديل ؛ ليَدُلَّه على الطريق" انتهى .

"لقاء الباب المفتوح" (2/56) .

ونسأل الله لك الشفاء والعافية .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب