الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

تمنع من لبس الحجاب فكيف تخرج للعمل وقضاء الحوائج؟

تاريخ النشر : 15-01-2007

المشاهدات : 35338

السؤال

سؤالي حول الحجاب فالمرأة عندنا ممنوع عليها لبس الحجاب وتعامل معاملة سيئة إضافة إلى أنه مرفوض دخولها إلى شغلها وإلى عديد الأماكن مثل مركز الشرطة ...إلا ولا بد أن تخلع حجابها فما الحل وخاصة عندما نكون مجبرات لقضاء مصلحتنا وخاصة في العمل ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لبس المرأة للحجاب أمام الرجال الأجانب فريضة محكمة دل عليه الكتاب والسنة والإجماع ، فلا يجوز لأحد أن يأمر بخلاف ذلك ، ولا أن يمنع من أرادت امتثال ذلك ، وإلا كان مضادا لله تعالى في أمره ، محادا له في شرعه ، قال الله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا ) الأحزاب/36 ، وقال سبحانه : ( وَمَنْ يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا ) النساء/115، وقال عز وجل : ( فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا ) النساء/65 .
ثانيا :
لا يجوز للمرأة أن تتهاون في هذه الفريضة ، ولا أن تخرج من بيتها كاشفة عن شيء من بدنها ، إلا أن تضطر لذلك اضطرارا يبيح الحرام ، كأن تُستدعى لمقر الشرطة ، ولا يمكنها التخلف عن الحضور لما يترتب على ذلك من مفسدة معتبرة في نفسها أو مالها .
وأما الخروج للعمل ، فإذا كانت غير مضطرة إليه ؛ لوجود الكفاية بنفقة زوجها أو والدها أو من تلزمه نفقته من قريب غيره ، فلا يجوز له الخروج للعمل إذا كان سيترتب عليه خلع الحجاب .
وعلى المسلمين أن يتعاونوا في هذا الأمر ، وأن يغنوا المسلمات عن الاضطرار لهذا الخروج المشتمل على المعصية ، وذلك بدعوة الآباء والأقارب للإنفاق والبذل ، وتوفير بعض الأعمال النافعة التي يقوم بها النساء من داخل بيوتهن ، وإغناؤهن عن الخروج لأي مطلب يترتب عليه نزع حجابهن وتعرضهن للأذى بلبسه .
وهذا يتوقف على اقتناع الرجال بفريضة الحجاب ، وإلا فكثير منهم لا يبالي بذلك ، ولا يهتم به ، ومنهم من يحرص على إخراج زوجته وبنته للعمل ، ومنهم لا يقبل الزواج إلا ممن تعمل ، ولو كان عملها يقتضي ترك الحجاب ، وهذا الجهل والتقصير من الرجال يعتبر من أكبر أسباب المشكلة ، وأسباب التقصير في علاجها ، فينبغي السعي في نشر هذا العلم ، والتذكير به ، والتربية عليه ، حتى يحرص كل رجل على صيانة أهله ومن يعول ، ويعلم أنه مسئول غدا عن هذه الأمانة ، أحفظ أم ضيّع ؟ قال صلى الله عليه وسلم : ( مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ ) رواه البخاري (7150) ومسلم (142).
بل يتعين على المسلمين السعي في إزالة هذا المنكر ، واتخاذ كافة الوسائل المتاحة في ذلك ، عن طريق الهيئات والمجامع والنقابات وغيرها ، لترفع الفتنة والمحنة عن نسائهم ، وتتمكن كل مسلمة من ارتداء حجابها ، ولا ينبغي اليأس أو التقاعس عن هذا الواجب ، فكم من حقوق مسلوبة عادت لأهلها بالصبر والمجاهدة والمثابرة .
ثالثا :
من ضاقت عليها السبل ، ولم تجد بدا من الخروج للعمل لكونها لا تجد من ينفق عليها ، وتضطر مع ذلك لخلع الحجاب ، فإن قدرت على الهجرة إلى بلد تتمكن فيه من إظهار دينها ، والتزام أمر ربها ، وجب عليها ذلك .
فقد ذكر ابن العربي في "أحكام القرآن" (1/612) :
"أن الهجرة واجبة من دار الكفر إلى دار الإسلام .
ومن الأرض التي انتشرت بها البدعة ، قال الإمام مالك رحمه الله : "لا يحل لأحد أن يقيم ببلد يُسب فيها السلف" .
ومن الأرض التي غلب عليها الحرام ، فإن طلب الحلال فريضة على كل مسلم".
والهجرة قد لا يستطيعها كل أحد ، ولا تعتبر حَلاًّ لجميع المسلمات .
فمن كانت في حاجة ملحة للخروج من بيتها للعمل أو إنهاء بعض الإجراءات ونحو ذلك وكان الأمر مقصورا على كشف الوجه فقط ، فنرجو أن لا يكون عليها في ذلك حرج .
والواجب السعي الجاد لحل هذه المشكلة حلا كاملا ، كما سبق ، وذلك بمناصحة المسئولين ، ومطالبتهم بهذا الحق الديني والشخصي ، وعلى الدعاة إلى الله وأهل العلم أن يبينوا للناس أن الحجاب فريضة محكمة فرضها الله تعالى على نساء المسلمات .
والعجب كل العجب أننا نرى تلك الحرب الضروس على الحجاب ، رمز العفة والطهارة ، وفي الوقت ذاته نرى فتح الباب على مصراعيه أمام الماجنات والعاهرات .
فصبراً أيتها المؤمنات ، فإن سلعة الله غالية ، وليأتين اليوم الذي يظهر فيه دين الله على سائر الأديان (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُون) التوبة/33 ، والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون .
نسأل الله تعالى أن يبرم لأمته أمرا رشدا يعز فيه أهل الطاعة ، ويذل فيه أهل المعصية ، وأن يوفقك وسائر المسلمات إلى التمسك بالحجاب ، وترك التبرج والسفور .
والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب