الخميس 27 جمادى الأولى 1446 - 28 نوفمبر 2024
العربية

عرض عليه البنك تجميد جزء من حسابه مقابل فائدة

تاريخ النشر : 09-11-2007

المشاهدات : 28232

السؤال

لدى زوجي حساب جاري في أحد البنوك الأجنبية ، ولأن حركة الحساب نشطة جداً بسبب عمله عرض عليه البنك تجميد مبلغ معين مقابل الحصول على مبلغ 40.000 درهم شهرياً ولا أعرف إن كان يعتبر هذا ربا أو لا ؟ والمشكلة أن زوجي لا يقتنع بأنه ربا ، وذلك لأن الربا- من وجهة نظره - يكون باستغلال ظروف الناس (من محتاجين ومرضى ومضطرين) وزيادة الفائدة عليهم , وهو يقول : إن البنك ليس بحاجة إلى أموالي . فأرجو معرفة الحكم الشرعي لهذه الحالة ؟ وإن كانت ربا فكيف أقنعه بذلك علماً أنه مسلم من الطائفة العلوية ، وليست لديه الثقة الكافية بالعلماء والشيوخ وبذات الوقت يقول إن القرآن حرم الربا ولكن ليس في مثل هذه الحالات وأن الفتاوى غالباً ما تكون شخصية وغير مقنعة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
قبل أن ننصح زوجك فيما يتعلق بالربا ، نرى أن الواجب علينا أن ننصحه فيما هو أهم ، وهو المذهب العلوي ، والمذهب العلوي له عقائد كثيرة يخالف بها عقائد المسلمين ، ولذلك فالمرجو من زوجك أن يراجع تلك العقائد ، ويرفض منها ما يتعارض مع الإسلام ، ويعتقد ما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم (109264) نبذة عن الطائفة العلوية ، فليرجع إليه .
ثانياً :
تجميد الحساب في البنك في مقابل الحصول على مبلغ 40.000 درهماً ، هو عين الربا ، لأن حقيقة هذه المعاملة أنها قرض بفائدة ، ولا يؤثر في هذا كون البنك محتاجا أو غير محتاج ، فكل قرض جر نفعا فهو ربا بإجماع العلماء ، وحقيقة القرض هي : أخذ المال ورد بدله ، فإن حصل الاتفاق على رده بزيادة ولو درهماً واحداً ، فهذا ربا بلا شك .
وليس في القرآن أو السنة تقييد الربا بما أُخذ من المحتاجين أو المرضى أو المضطرين ، بل الربا أبواب كثيرة ، منها القرض بالفائدة ، ومنها ربا البيوع : كمبادلة الذهب بالذهب بزيادة ، أو الفضة بالفضة بزيادة ، أو التمر بالتمر بزيادة ، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم : (الربا اثنان وسبعون بابا ، أدناها مثل إتيان الرجل أمه) رواه الطبراني في الأوسط، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3537) .
وقال صلى الله عليه وسلم : (درهم ربا يأكله الرجل وهو يعلم أشد عند الله من ستة وثلاثين زنية) رواه أحمد والطبراني وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3375) .
وهذا الوعيد الشديد يهز قلب كل مؤمن ومؤمنة ، ويمنعه من الوقوع في هذا الجرم العظيم . وقد توعد الله آكل الربا بالحرب فقال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة/278، 279.
فمن الذي يرضى لنفسه ذلك ، ومن الذي يقدر على ذلك ؟!
وقد أخبر الله تعالى أن الربا ممحوق البركة ، مذموم العاقبة ، فقال : (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ) البقرة/276.
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن اللعنة تنزل على آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه ، فروى مسلم (1598) عن جابر رضي الله عنه قال : (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا ، ومؤكله ، وكاتبه ، وشاهديه ، وقال : هم سواء) .
فما قيمة المال إن كان الله لا يبارك فيه ، وإن كانت اللعنة تنزل على صاحبه ؟!
ولهذا نرى كثيرا من أكلة الربا تضيع أموالهم في غير نفع ؛ لأنه لا بركة فيها ، مع ما يشعرون به من الهم والغم وضيق الصدر ، وهذا أثر من آثار المعصية ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى ، نسأل الله السلامة والعافية .
فعلى العاقل أن يرضى بالحلال ، وأن يقنع به ، وألا يلهث خلف الحرام ، فإنه لن يجني منه إلا الخسار والبوار .
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب