أدرس في كلية في الولايات المتحدة. وأطرح هذا السؤال عليك لأستفيد منه في بحثي (وذكرت اسم المادة).
ما هو الدليل عندكم على أن جبريل كلّم محمدا؟.
الحمد لله.
لقد كلّم جبريل عليه السلام محمداً صلى الله عليه وسلم دون حجاب ، وقد رآه صلى الله عليه وسلم على صورته الحقيقية ، وقد ثبت هذا في كثير من الآيات والأحاديث :
1. قوله تعالى : ( وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى * مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى * وَمَا يَنْطِقُ عَنْ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى * عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى ) النجم / 1 - 6 .
وقد ذكر المفسرون أن المقصود بقوله تعالى : ( علّمه شديد القوى ) هو جبريل عليه السلام ، علّم محمداً صلى الله عليه وسلم الوحي . ومن صور الوحي : الكلام المباشر بين المَلَك والنبي ؛ فدلّ هذا على أن جبريل عليه السلام كلّم محمداً صلى الله عليه وسلم . ومما يؤيد هذه الدلالة قوله عز وجل : ( وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنْ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ ) الشعراء / 192 - 195 . وقوله سبحانه : ( قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ ) البقرة / 97 .
2. وكذلك حادثة بدء الوحي المشهورة ، عندما كان عليه الصلاة والسلام معتزلاً في غار حراء ، إذ أتاه جبريل عليه السلام ، وأمره أن يقرأ . عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت : " أَوَّلُ مَا بُدِئَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ الْوَحْيِ الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ فِي النَّوْمِ فَكَانَ لا يَرَى رُؤْيَا إِلا جَاءَتْ مِثْلَ فَلَقِ الصُّبْحِ ، ثُمَّ حُبِّبَ إِلَيْهِ الْخَلاءُ وَكَانَ يَخْلُو بِغَارِ حِرَاءٍ ، فَيَتَحَنَّثُ فِيهِ - وَهُوَ التَّعَبُّدُ - اللَّيَالِيَ ذَوَاتِ الْعَدَدِ قَبْلَ أَنْ يَنْزِعَ إِلَى أَهْلِهِ وَيَتَزَوَّدُ لِذَلِكَ ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَى خَدِيجَةَ فَيَتَزَوَّدُ لِمِثْلِهَا . حَتَّى جَاءَهُ الْحَقُّ وَهُوَ فِي غَارِ حِرَاءٍ فَجَاءَهُ الْمَلَكُ فَقَالَ : اقْرَأْ . قَالَ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ . قَالَ : فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي ، فَقَالَ : اقْرَأْ . قُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ . فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّانِيَةَ حَتَّى بَلَغَ مِنِّي الْجَهْدَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي ، فَقَالَ : اقْرَأْ . فَقُلْتُ : مَا أَنَا بِقَارِئٍ . فَأَخَذَنِي فَغَطَّنِي الثَّالِثَةَ ثُمَّ أَرْسَلَنِي فَقَالَ : ( اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ خَلَقَ الإِنْسَانَ مِنْ عَلَقٍ اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ ) فَرَجَعَ بِهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَرْجُفُ فُؤَادُهُ .. " رواه البخاري برقم 3 ، ومسلم برقم 231 .
3. وعن عائشة رضي الله عنها : أن الحارث بن هشام رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَأْتِيكَ الْوَحْيُ ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أَحْيَانًا يَأْتِينِي مِثْلَ صَلْصَلَةِ الْجَرَسِ وَهُوَ أَشَدُّهُ عَلَيَّ فَيُفْصَمُ عَنِّي وَقَدْ وَعَيْتُ عَنْهُ مَا قَالَ ، وَأَحْيَانًا يَتَمَثَّلُ لِي الْمَلَكُ رَجُلا فَيُكَلِّمُنِي فَأَعِي مَا يَقُولُ .. " رواه البخاري برقم 2 .
4. حديث جبريل الطويل ، عندما جاء متمثلاً على شكل رجل غريب ، وجلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الإسلام والإيمان والإحسان والرسول صلى الله عليه وسلم يجيبه ، وهو يعلم أنه جبريل ، فعندما فرغ من أسئلته وذهب أخبر النبي الصحابة أن هذا جبريل أتاهم يعلمهم دينهم . انظر صحيح البخاري برقم 48 ، ومسلم برقم 9 .
5. وما جاء في ذكر حادثة الإسراء والمعراج ، فقد كان صلى الله عليه وسلم يسأل جبريل وجبريل يجيبه . انظر صحيح البخاري برقم 2968 ، ومسلم برقم 238 ، والأحاديث التي تروي قصة الإسراء والمعراج .
6. وأيضاً الأحاديث الكثيرة التي يقول فيها عليه الصلاة والسلام : " أتاني جبريل فقال .. " ، مثل قوله صلى الله عليه وسلم : " أَتَانِي جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلام فَقَالَ : مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِكَ لا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ . قُلْتُ : وَإِنْ فَعَلَ كَذَا وَكَذَا ؟ قَالَ : نَعَمْ " رواه البخاري برقم 2213 ، ومسلم برقم 137 .
وعندما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخندق هو وأصحابه ووضع السلاح واغتسل ، أتاه جبريل وقد عَصَبَ رَأْسَهُ الْغُبَارُ ، فقال : " وَضَعْتَ السِّلاحَ ! فَوَ اللَّهِ مَا وَضَعْتُهُ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَأَيْنَ ؟ قَالَ : هَاهُنَا - وَأَوْمَأَ إِلَى بَنِي قُرَيْظَةَ - فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " رواه البخاري برقم 2602 ، ومسلم برقم 3315 .
ونحو ذلك من الأدلة ، والله تعالى أعلم .