هل يدعو للكافرة بالهداية للإسلام ليتزوجها ؟
على فرض أنك رأيت امرأة جميلة بالطريق وتريد أن تتزوجها لكنها كافرة ولذلك فلا يجوز لك ذلك. سؤالي هو: هل يجوز أن أسأل الله أن يهديها للإسلام ثم أتزوجها بعد ذلك؟
الجواب
الحمد لله.
قبل الجواب عن السؤال نقول : إن المسلم مأمور بغض بصره عما حرَّم الله عليه ، قال
الله تعالى : ( قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا
فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ )
النور/30
، ولله عز وجل من وراء هذا التوجيه الحكمة البالغة ، فإنه سبحانه رحيم بعباده روؤف
بهم ، فجاء شرعه بما يرفع عنهم العنت والمشقة وأسباب العذاب النفسي والبدني، ومن
المعلوم أن العَين رسول القلب وبريده ، فإذا ما أرسلها صاحبها وقلّبها في الصور
الجملية تعلق قلبه بتلك الصور ، وانطبعت فيه ، ثم في أكثر الأحوال لا يستطيع الوصول
إلى ما أحبه فيشقى ويتعب وصدق الشاعر حين قال :
وكنت متى أرسلت طرفك رائداً **** لقلبك يوماً أتعبتك المناظر
رأيت الذي لا كله أنت قادر**** عليه ولا عن بعضه أنت صابر
فجاء الشرع الحنيف بقطع أسباب هذا العناء ، فأمر بغض الأبصار ، فعلى المسلم امتثال
هذا الأمر ليرضي ربه وليريح نفسه .
والصواب ما أشرت إليه في سؤالك من أن من اشتهى شيئاً وأحبه فإن عليه أن يمنع نفسه
من الوصول إليه إلا من الطريق التي أباحها الله عز وجل ، وأن يجعل هواه تبعاً لما
جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتلك من خصال المؤمن.
أما عن خصوص السؤال فالجواب : أنه يجوز الدعاء للكافر بالهداية ، كما دلت على ذلك
الأحاديث الصحيحة ، فقد ثبت أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( دعا
لقبيلة دوس بالهداية فقال : ( اللهم اهد دوساً )
رواه البخاري (2937) ومسلم (2524)
وروى الترمذي (5/82) عن أبي موسى رضي الله عنه قال: ( كان اليهود يتعاطسون عند
النبي صلى الله عليه وسلم يرجون أن يقول لهم : يرحمكم الله ، فيقول : يهديكم الله
ويصلح بالكم ) وصححه الألباني في صحيح
الترمذي .
قال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في "فتح الباري" (10/604) : " حديث أبي
موسى دال على أنهم يدخلون في مطلق الأمر بالتشميت ، لكن لهم تشميت مخصوص وهو الدعاء
لهم بالهداية وإصلاح البال وهو الشأن ، ولا مانع من ذلك "
انتهى.
وقال العلامة ابن مفلح الحنبلي رحمه الله في "الآداب الشرعية" (1/368)، وهو يتكلم
عما يجوز وما لا يجوز الدعاء به للكافر قال: " وأما الدعاء بالهداية ونحوها فهذا
جوازه واضح " انتهى
.
وينبغي للداعي أن يحسن نيته بهذا الدعاء بأن يقصد تحقيق مرضاة الله بإسلام هذه
المرأة ونجاتها من عذاب الله ونحو ذلك من المقاصد الحسنة ، ولا بأس أن ينوي مع ذلك
الزواج بها.
والله أعلم.