هل ننصح المسلمين أن يعتزلوا الجامعات والعمل في الشركات المختلطة ؟
هل تنصح المسلمين أن يعتزلوا الجامعات والعمل في الشركات ، لأنها أصبحت مرتعاً للأمراض الاجتماعية ، بسبب الاختلاط ، والتنكر لتعاليم شرعنا الحنيف ، بل والاستهزاء بالإسلام وأهله ، والتدبير له المخططات للقضاء عليه ، والقضاء على روح الأخوَّة في الدين ، والتضامن الاجتماعي و " أنت ما لك دخل " و إلخ ، فهل الدخول في هذه الأوساط واجب ؟ وبماذا تنصح : الانشغال بالبيع والتجارة - مع صعوبة هذا الأمر في هذا الزمان - أو الدخول في هذه الأوساط بما فيها من تبرج واختلاط ومحرمات واستهزاء بالدين وأهله ودعوة إلى ترك الدين ، بل وإلى الاستسلام في الحقيقة ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
جعل الله تعالى في الرجال ميلاً للنساء ، وجعل في النساء ميلاً للرجال ، ولذا فقد
جاءت ضوابط العلاقة بين الجنسين في شرعنا المطهَّر قوية ومتينة ، وجعل الله تعالى
الزواج الشرعي سبباً للقاء بين الرجل والمرأة ، ليعف كل واحد منهما نفسه ، وليكونوا
أسرة ينتسب أفرادها للرجل ، وحرَّم الزنا ، وحرَّم دواعيه والأسباب التي تؤدي إليه
من الخلوة ، والاختلاط ، والمصافحة ، والنظر ، فمن الناس من يرضى لنفسه الوقوع في
المحرمات في هذه العلاقة ، ومنهم من يأبى إلا أن يكون طائعاً لربه ، مستجيباً لأمره
.
قال الشيخ محمد بن إبراهيم – رحمه الله - :
الله تعالى جبل الرجال على القوة والميل إلى النساء ، وجبَل النساء على الميل إلى
الرجال مع وجود ضعف ولين ، فإذا حصل الاختلاط نشأ على ذلك آثار تؤدي إلى حصول الغرض
السيئ ؛ لأن النفوس أمارة بالسوء ، والهوى يعمي ويصم والشيطان يأمر بالفحشاء
والمنكر .
" فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم " ( 10 / 35 ) .
وقال الشيخ عبد العزيز بن باز - رحمه الله - :
فالواجب على المؤمن أينما كان : أن لا يرضى بأن يكون عاملاً بين العاملات من النساء
، وهكذا الطالب في الجامعات ، والمدارس المختلطة ، يجب عليه أن يحذر ذلك ، وأن
يلتمس مدْرسة ، وجامعة غير مختلطة ; لأن وجود الشباب بجوار الفتيات : وسيلة لشرٍّ
عظيم ، وفسادٍ كبير ، والواجب على المؤمن عند الابتلاء بهذه الأمور أن يتقي الله
حتى يجعل الله له فرَجاً ومخرجاً ، وأن يغض بصره ، ويحذر من النظر إليها ، أو إلى
محاسنها ، ومفاتنها ، بل يُلقي بصره إلى الأرض ، ولا ينظر إليها ، ومتى صادف شيئا
من ذلك غضَّ بصره .
وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن نظر الفجأة ، فقال للسائل : (
اصرف بصرك ) - رواه مسلم - ، وفي اللفظ الآخر : ( فإن لك الأولى وليست لك الأخرى )
- رواه الترمذي وأبو داود- ، والله سبحانه وتعالى يقول : ( قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ
يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ )
الآية النور/ 30 ، وقال تعالى : ( وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ
أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ) الآية النور/ 31 ، فعلى المؤمن أن يغض
بصره ويحفظ فرجه ، فإن صادف شيئاً من غير قصد : صرف بصره ، ويعفو الله عن الأولى
التي صادفها ولم يقصدها لذلك .
وإذا بُلي بالمرأة ، والتحدث إليها في شيء يتعلق بالعمل : فإنه يتحدث إليها من غير
أن يقابل وجهها ، ولا ينظر إلى محاسنها ، بل يعرض عنها ، ويلقي بصره إلى الأرض حتى
يقضي حاجته وينصرف .
وهذا من الأمور الواجبة ، التي تجب على المؤمن العناية بها .
" فتاوى الشيخ ابن باز " ( 5 / 313 ، 314 ) .
وقد سبق بيان تحريم الاختلاط في أجوبة كثيرة في الموقع ، ينظر جواب السؤال رقم (1200)
.
ثانيا :
إذا بلغ المرء ما في وسعه من البحث والتحري ، ولم يجد مكانا لدراسته إلا في المدارس
أو الجامعات المختلطة ، أو لم يجد وظيفة في بلده تتناسب مع إمكاناته ومؤهلاته إلا
في أماكن مختلطة ، فله أن يدرس في هذه الجامعات التي لم يجد بدلا عنها ، وأن يعمل
في مكان مختلط إذا لم يجد غيره ، لقول الله تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا
اسْتَطَعْتُمْ ) التغابن/16 .
لكن ذلك لا يبيح له التوسع في مخالطة النساء في هذه الأماكن ، والترخص في الحديث
معهن ، وإنما تقدر الضرورة بقدرها ، وليجتهد في غض بصره ، وكف نفسه عن فضول النظر ،
والكلام ، والمخالطة ، إلا في حدود الضرورة التي يتطلبها عمله أو دراسته .
وينظر جواب السؤال رقم (70223)
، (103044)
.
والله الموفق