حكم العمل في المحاكم والنيابات العامة
ما حكم العمل في المحاكم والنيابات العامة في الدول العربية ، وخاصة الدول الخليجية ، علماً أني متقدم إلى العمل في وظيفة " كاتب تحقيق " في إحدى النيابات ؟ .
أرجو من فضيلتكم الجواب مع ذكر العدد الأكبر من الأدلة الشافية ؛ لأني والله في حيرة من أمري .
الجواب
الحمد لله.
المحاكم نوعان : محاكم شرعية ، ومحاكم نظامية ( تحكم بالقوانين الوضعية ) ، وهذه
الثانية نوعان : نوع يحكم بغير ما أنزل الله في الأحكام والحدود ، ونوع آخر يتعلق
بأحكام وضعية إدارية ليس فيها مخالفة لما أنزل الله .
وحكم العمل في المحاكم والنيابات يعرف بمعرفة نوع تلك المحاكم ، فإذا كانت المحكمة
شرعية ، أو نظامية لا تخالف أحكامها أحكام الشرع : فيجوز العمل فيها ، موظفين ،
وقضاة ، ونيابة .
وإذا كانت المحاكم نظامية تحكم في الدماء والأموال والأنفس بخلاف شرع الله تعالى :
فلا يجوز العمل فيها ، موظفاً ولا إداريّاً ؛ لأنه يكون تعاوناً على الإثم والعدوان
، والله تعالى يقول : ( وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ
تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللّهَ إِنَّ اللّهَ
شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/ 2
.
وإن كان سيعمل فيها قاضياً : فإنه يكون حاكماً بغير ما أنزل الله ، وهو من كبائر
الذنوب ، وقد يصل بصاحبه للكفر المخرج من الملة .
وإذا كان عمله في النيابة العامة : فهو حرام أيضاً ؛ لأنه سيحيل من ليس متهماً في
الشرع للقضاء النظامي لمعاقبته ، وسيطلب البراءة لمن يستحق الجلد أو الرجم أو القتل
؛ لأنه ليس مداناً في القانون الوضعي ، وهذه أفعال تضاد الشريعة ، ولا يحل العمل
فيها ، ولا إعانة من يعمل فيها .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" من أعظم ذلك وأظهرها معاندة للشرع ، ومكابرة لأحكامه ، ومشاقة لله ولرسوله :
إيجاد المحاكم الوضعية التي مراجعها القانون الوضعي ، كالقانون الفرنسي ، أو
الأمريكي ، أو البريطاني ، أو غيرها من مذاهب الكفار ، وأي كفر فوق هذا الكفر ؟!
وأي مناقضة للشهادة بأن محمَّداً رسول الله بعد هذه المناقضة ؟! "
انتهى
.
" تحكيم القوانين " ( ص 7 )
.
وسبق أن بيَّنا في جواب السؤال رقم (
974 ) تفصيل القول
في الحكم بغير ما أنزل الله ، وذكرنا في جواب السؤال رقم (
22239 ) فتوى
للشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله في التفريق بين الأحكام الشرعية والأحكام
الإدارية ، ومنه يُعرف أنه لا يحل العمل بالمحاكم التي تحكم بما يُخالف حكم الله
تعالى ، دون غيرها مما يتعلق بالأمور الإدارية ، وهي التي يراد بها ضبط الأمور
وإتقانها على وجه غير مخالف للشرع .
قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :
" إذا كان في الاشتغال بالمحاماة أو القضاء إحقاق للحق ، وإبطال للباطل شرعاً ، ورد
الحقوق إلى أربابها ونصر للمظلوم : فهو مشروع ؛ لما في ذلك من التعاون على البر
والتقوى ، وإلا فلا يجوز ؛ لما فيه من التعاون على الإثم والعدوان ؛ قال الله تعالى
: ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/ 2 " انتهى
.
الشيخ عبد العزيز بن باز ، الشيخ عبد الرزاق عفيفي ، الشيخ عبد الله بن غديان ،
الشيخ عبد الله بن قعود .
" فتاوى اللجنة الدائمة " ( 1 / 793 ، 794 )
.
والله أعلم