رفض أبوها عودتها إلى زوجها الذي خالعها .
رجل سبق وأن طلق زوجته طلقة واحدة بالمحكمة بضغوط من أبي الزوجة عليه وكان الطلاق بتاريخ 8-2-1428هـ والآن التاريخ 28-6-1428هـ وبه عوض ، وفي الحقيقة أن الزوج يريد زوجته ، وأن الزوجة تريد زوجها ، لأن فترة زواجهم كانت 14سنة ، وكان يعالجها بمستشفيات المملكة ، وخارج المملكة ، والآن لا يوجد أحد من أهلها يقوم بعلاجها وحالتها الصحية في تدهور وهي تريد الرجوع لزوجها ..
الجواب
الحمد لله.
أولا :
إذا كانت الطلاق قد تم بعوض ، فهذا خلع ، تبينُ به الزوجة بينونة صغرى ، وإذا رغب
الزوج والزوجة في النكاح مرة أخرى ، فإنه يعقد عليها عقدا جديدا .
وإذا تزوجها فإنها ترجع إليه على ما بقى من طلاقها ، فيبقى له طلقتان ، ولا يحسب
الخلع طلقة .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فكل لفظ يدل على الفراق بالعوض فهو خلع ، حتى
لو وقع بلفظ الطلاق ، بأن قال مثلا : طلقت زوجتي على عوض قدره ألف ريال ، فنقول :
هذا خلع ، وهذا هو المروي عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما أن كل ما دخل فيه
العوض فليس بطلاق ، قال عبد الله ابن الإمام أحمد : كان أبي يرى في الخلع ما يراه
عبد الله بن عباس رضي الله عنهما ، أي أنه فسخٌ بأي لفظ كان ، ولا يحسب من الطلاق .
ويترتب على هذا مسألة مهمة ، لو طلق الإنسان زوجته مرتين متفرقتين ، ثم حصل الخلع
بلفظ الطلاق ، فعلى قول من يرى أن الخلع بلفظ الطلاق طلاق تكون بانت منه ، لا تحل
له إلا بعد أن تنكح زوجا غيره ، وعلى قول من يرى أن الخلع فسخ ولو بلفظ الطلاق ،
تحل له بعقد جديد حتى في العدة ، وهذا القول هو الراجح . لكن مع ذلك ننصح من يكتبون
المخالعة أن لا يقولوا طلق زوجته على عوض قدره كذا وكذا ، بل يقولوا : خالع زوجته
على عوض قدره كذا وكذا ؛ لأن أكثر الحكام (القضاة) عندنا وأظن حتى عند غيرنا يرون
أن الخلع إذا وقع بلفظ الطلاق صار طلاقا ، ويكون في هذا ضرر على المرأة ، فإن كانت
الطلقة الأخيرة فقد بانت ، وإن كانت غير الأخيرة حسبت عليه "
انتهى من الشرح الممتع (12/450).
ثانيا :
إذا رفض وليها (أبوها) تزويجها ، وكان الزوج كفؤا له ، وقد رضيت به ، فإنه يكون
عاضلاً لها ، وتنتقل الولاية إلى من بعده من الأولياء ، وللمرأة أن ترفع أمرها
للقاضي ليأمر الولي بتزويجها أو ليزوجها بنفسه في حال امتناع الأولياء .
وينبغي أن تحل هذه المسألة أولا عن طريق أهل الخير والإصلاح ، ليقنعوا الولي
بالموافقة ، ما دام الزوج مرضي الدين والخلق .
وفي مثل هذه الحالة نزل قوله تعالى : (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنكِحْنَ
أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ)
البقرة/232
.
روى البخاري (5130) عن مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ رضي الله عنه قَالَ : زَوَّجْتُ
أُخْتًا لِي مِنْ رَجُلٍ ، فَطَلَّقَهَا ، حَتَّى إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا جَاءَ
يَخْطُبُهَا ، فَقُلْتُ لَهُ : زَوَّجْتُكَ ، وَفَرَشْتُكَ ، وَأَكْرَمْتُكَ ،
فَطَلَّقْتَهَا ، ثُمَّ جِئْتَ تَخْطُبُهَا ، لَا وَاللَّهِ لَا تَعُودُ إِلَيْكَ
أَبَدًا ، وَكَانَ رَجُلًا لَا بَأْسَ بِهِ ، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ تُرِيدُ أَنْ
تَرْجِعَ إِلَيْهِ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ هَذِهِ الْآيَةَ : (فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ
أَنْ يَنكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ)
فَقُلْتُ : الْآنَ أَفْعَلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَزَوَّجَهَا إِيَّاهُ .
فالنصيحة لوالد هذه المرأة أن يوافق على رجوعها إلى زوجها ، حتى لا يقع فيما حرم
الله تعالى .
والله أعلم .