إذا أفطر بالأكل في نهار رمضان ليجامع زوجته فعليه كفارة
رجل أراد أن يجامع زوجته في شهر رمضان بالنهار ، فأفطر بالأكل قبل أن يجامع ، ثم جامع ، فهل عليه كفارة أم لا ؟
الجواب
الحمد لله.
اتفق العلماء على أن من أفطر في نهار رمضان بالجماع أن عليه الكفارة .
واختلفوا فيمن أفطر بغير الجماع كالأكل والشرب ، فذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك
رحمهما الله إلى أن عليه الكفارة أيضاً ، وذهب الإمامان الشافعي وأحمد رحمهما الله
إلى أنه لا كفارة عليه .
ولكن هذا فيمن أفطر بغير الجماع ثم لم يجامع في ذلك اليوم ، أما من أفطر بغير
الجماع ثم جامع في ذلك اليوم فذهب جمهور العلماء (منهم أبو حنيفة ومالك وأحمد رحمهم
الله) إلى أنه تجب عليه الكفارة .
وهذا القول هو الذي لا ينبغي أن يفتى بغيره ، ويدل على صحته أمور :
1- أن من أفطر في رمضان بدون عذر سواء أفطر بالأكل أو الشرب أو غير ذلك ، وجب عليه
الإمساك ، فإذا جامع فقد جامع في يوم يلزمه إمساكه ، فتجب عليه الكفارة ، كما أن
المحرم بالحج إذا أفسد إحرامه لزمه المضي فيه ، ويمسك عن محظورات الإحرام، فإذا أتى
شيئاً منها كان عليه ما عليه في الإحرام الصحيح .
2- أن هذا عاصي بفطره أولاً ، ثم عصى مرة أخرى بالجماع ، فصار عاصياً مرتين ، فكانت
الكفارة عليه أوكد .
3- أنه لو لم تجب الكفارة على مثل هذا صار ذريعة إلى ألا يكفر أحد ، فإنه لا يشاء
أحد أن يجامع في رمضان إلا أمكنه أن يأكل ، ثم يجامع ، بل ذلك أعون له على مقصوده .
فكيف يكون جماعه قبل الغداء فيه الكفارة ، وإذا تغدى هو وامرأته ثم جامعها لا كفارة
عليه ! فهذا شنيع في الشريعة لا تأتي بمثله ، فإنه استقر في العقول والأديان أنه
كلما عظم الذنب كانت العقوبة أبلغ .
والله أعلم
"مجموع فتاوى ابن تيمية" (25/260-263)
.