كتاب مجربات الديربي الكبير كتاب سحر وكهانة
أود أن أطرح سؤالاً حول كتاب مجرَّبات الديربي الكبير ، هل هو كتاب سحر ؟ وما حكم الاطلاع عليه من باب الفضول ؟ وما حكم إبقائه في المنزل أو إهدائه لأحد ؟ وإن كان كتاب سحر فكيف نتخلص منه ؟ وهل يجب على من كان يقرؤه أو يعمل بما فيه من أدعية أن يتوب؟ أي أنه فعل منكرًا .
للعلم فالكتاب يتحدث عن العلاج بطرق مختلفة ، وفيه أدعية ، منها ما هو مألوف ، وبعضها غريب لم أسمعه قبلاً ، وقد طرحت سؤالي لأنني ارتبت مما في الكتاب ، وشككت أنه من السحر ، كما قرأت في بعض المواقع الإسلامية أنه كتاب سحر وكهانة .
الجواب
الحمد لله.
اسم هذا الكتاب كاملا هو : " فتح الملك المجيد المؤلف لنفع العبيد وقمع كل جبار
عنيد " ، ويسمى اختصارا بـ " مجرَّبَات الديربي " ، ومؤلفه هو : أحمد بن عمر
الديربي ، المتوفى سنة 1151هـ ، ترجمته في "الأعلام" للزركلي (1/188) .
وموضوع كتابه هذا في مُجَرَّبَات العلاج بالذكر والقرآن ، حيث عقد فيه ستة وثلاثين
بابا يبين فيها فوائد بعض السور والآيات والأذكار والأسماء الحسنى في علاج كثير من
الأمراض ، وتغيير بعض الأحوال ، يزعم في مقدمته أنه جمع هذه الفوائد من : "
التعاليق التي بخطوط العلماء ، ومن الكتب الجليلة "
ولكن الواقع خلاف ذلك :
فقد اطلعنا على الكتاب المذكور ، فلم نجد فيه شيئا منقولا عن أهل العلم من السلف
الصالحين والفقهاء والمحدثين ، بل وجدناه مليئا بالأمور الباطلة ، وكثير من الكتب
التي تحمل هذا العنوان " المُجَرَّبات " هي على الشاكلة نفسها ، مليئة بالخرافات
والأباطيل التي لا يجوز للمسلم أن يعتقد صحتها ، فضلا عن أن يعمل بها .
وخلاصة المآخذ عليه في أمور ثلاثة :
1- دعوى نفع آيات أو أذكار أو كلمات أو أسماء معينة في شفاء أمراض معينة لا يثبت
إلا بدليل صحيح من الكتاب والسنة ، وليس لأحد نسبة ذلك إلى دين الله ، وإلا يكون
مقتحما أبواب البدعة المنكرة .
2- استعمال كثير من الكلمات غير المفهومة ، بحيث يخشى أن تحتوي على معاني باطلة ،
أو ذرائع شركية .
3- عدم ذكر أدلة المجربات المذكورة ، ولا من جربها ، ولا في كم حالة جربت ونفعت ،
فالتجربة لا يثبت نجاحها إلا إذا نفعت في أكثر الحالات المطبقة ، وهذا يحتاج إلى
دراسة علمية منهجية ، وليس مجرد دعاوى لا يدرى صدق مدعيها من عدمه : وهذا مأخذ في
غاية الأهمية .
ولذلك فلا نعد هذا الكتاب إلا ضمن كتب الخرافة ، ولا نرى جواز شرائه ولا قراءته
فضلا عن العمل بما فيه لأحد من المسلمين ، بل ينبغي على المسلم حفظ ماله من الضياع
فيما لا يفيد ، والواجب على جميع المسلمين الغيرة على دينهم أن ينسب إليه ما ليس
منه مما لا تقبله العقول السليمة ، ولم ترد به الأدلة الصحيحة .
وقد أفتى العلماء قديما بحرمة شراء الكتب المشتملة على العلوم المحرمة ، والمؤسسة
على الضلالة والغواية ، بل أفتوا بحرمة النظر والمطالعة فيها إلا لعالم يريد نقدها
والجواب عليها.
يقول ابن بطة العكبري في "الشرح والإبانة" (ص/361) :
" ومن البدع النظر في كتب العزائم والعمل بها " انتهى.
ويقول ابن القيم في "زاد المعاد" (5/761) :
" وكذلك الكتب المشتملة على الشرك وعبادة غير الله ، فهذه كلها يجب إزالتها
وإعدامها ، وبيعها ذريعة إلى اقتنائها واتخاذها ، فهو أولى بتحريم البيع من كل ما
عداها ، فإن مفسدة بيعها بحسب مفسدتها في نفسها " انتهى.
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" المجموعة الثانية/ (2/198) :
" السؤال : أرفق لفضيلتكم ثلاثة كتيبات هي : ( حرز الجوشن ) ، و ( مجربات الديربي )
و ( أسماء أهل بدر ) .
فما حكم قراءتها والعمل بها ، وما هي نصيحتكم لمن يصر على التعامل معها ؟
والجواب :
بعد اطلاع اللجنة على الكتب المذكورة وجد أنها تحتوي على شركيات وأدعية مبتدعة
وطلاسم وتوسل بالصالحين ، وعلى هذا فهي كتب لا يجوز اقتناؤها ، ولا العمل بما فيها
، بل يجب إتلافها والابتعاد عنها للسلامة من شرها .
وهناك - ولله الحمد - من الأدعية الصحيحة النافعة ما يكفي المسلم ، ونحيل في ذلك
على كتاب ( الوابل الصيب ) لابن القيم ، و ( الكلم الطيب ) لشيخ الإسلام ابن تيمية
، و ( الأذكار ) للإمام النووي ، وفيها الخير الكثير ولله الحمد " انتهى.
والله أعلم .