ولا تأذن في بيته إلا بإذنه
ما هي الحالات التي يجب على الزوجين مراعاتها في الاستئذان على دخول ، أو عدم دخول ، المحارم أو غير المحارم في منزل الزوجية ؟ و جزاكم الله عنا خير الجزاء .
الجواب
الحمد لله.
منزل الزوجية منزل مشرف مكرم ، أمر الله تعالى كلا من الزوجين بحفظه ، وخص الزوجة
بما أمرها به من حفظ أمانة هذا المنزل ، فإنها ربة البيت وصاحبته .
عن جابر رضي الله عنه : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبة حجة الوداع :
( فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، فَإِنَّكُم أَخَذتُمُوهُنَّ بِأَمَانِ
اللَّهِ ، وَاستَحلَلتُم فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وَلَكُم عَلَيهِنَّ
أَلَّا يُوطِئنَ فُرُشَكُم أَحَدًا تَكرَهُونَهُ ، فَإِن فَعَلنَ ذَلك
فَاضرِبُوهُنَّ ضَربًا غَيرَ مُبَرِّحٍ ، وَلَهُنَّ عَلَيكُم رِزقُهُنَّ
وَكِسوَتُهُنَّ بِالمَعرُوفِ ) رواه مسلم (
1218 ) .
ويمكن تقرير مسألة الإذن في بيت الزوجية من خلال التفصيل التالي :
أولا :
إذا أذن الزوج إذنا صريحا لزوجته بإدخال شخص معين من محارمها ، أو بعض النساء ، أو
كان إذنه عاما ، فيجوز للزوجة حينئذ أن تأذن في بيته لهم ، باتفاق أهل العلم .
ثانيا :
إذا سكت الزوج عن الإذن ، فإنها تعمل بما يغلب على ظنها ، فتأذن في بيته لمن يغلب
على ظنها أن زوجها لا يمانع من دخوله بيته ، ممن يجوز له أن يدخل على الزوجة في
غياب الزوج ، من المحارم والنساء ، أما إن غلب على ظنها أن زوجها يكره دخول شخص
معين في غيابه ، فلا يجوز لها أن تدخله ، وذلك باتفاق أهل العلم .
جاء في الموسوعة الفقهية (30/125) :
" من حقّ الزّوج على زوجته ألاّ تأذن في بيته لأحد إلاّ بإذنه ، لما ورد عن أبي
هريرة رضي الله تعالى عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : ( لَا يَحِلُّ
لِلْمَرأَةِ أَن تَصُومَ وَزَوجُهَا شَاهِدٌ إِلاَّ بِإِذنِهِ ، وَلَاْ تَأْذَن فِي
بَيتِهِ إِلاّ بِإِذنِهِ ) رواه البخاري (
4899 ) ومسلم ( 1026 ) .
ونقل ابن حجر عن النّوويّ قوله : "في هذا الحديث إشارة إلى أنّه لا يُفتأت على
الزّوج بالإذن في بيته إلاّ بإذنه ، وهو محمول على ما لا تعلم رضا الزّوج به ، أمّا
لو علمت رضا الزّوج بذلك فلا حرج عليها ، كمن جرت عادته بإدخال الضّيفان موضعاً
معدّاً لهم سواء كان حاضراً أم غائباً ، فلا يفتقر إدخالهم إلى إذن خاصّ لذلك.
وحاصله أنّه لا بدّ من اعتبار إذنه تفصيلاً أو إجمالاً "
انتهى .
ثالثا :
إذا صرح الزوج بكراهيته دخول شخص معين ، أو أي أحد بيته في غيابه ، فيحرم عليها أن
تأذن له في دخول بيت زوجها .
ولكن هل للزوج أن يمنع زوجته من إدخال والديها أو محارمها لزيارتها ؟
في المسألة خلاف بين أهل العلم على قولين : الجواز والمنع .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (24/82) :
" الصحيح من مذهب الحنفية وهو مذهب المالكية : أن الزوج لا يمنع أبوي الزوجة من
الدخول عليها في كل جمعة ، ولا يمنع غيرهما من المحارم في كل سنة ، وكذا بالنسبة
لأولادها من غيره إن كانوا صغارا ، لا يمنعهم الزوج من الدخول إليها كل يوم مرة ،
وإن اتَّهَمَ والدَيها بإفسادها ، فيُقضَى لهما بالدخول مع امرأة أمينة من جهة
الزوج ، وعليه أجرتها .
وذهب الشافعية وهو قول للحنفية : إلى أن له المنع من الدخول ، معلَّلًا بأن المنزل
ملكه ، وله حق المنع من دخول ملكه .
وذهب الحنابلة إلى أنه : ليس للزوج منع أبوها من زيارتها ، لما فيه من قطيعة الرحم
، لكن إن علم بقرائن الحال حدوث ضرر بزيارتهما أو زيارة أحدهما ، فله المنع "
انتهى .
والراجح من هذه الأقوال هو أنه لا يحق للزوج منع الوالدين والمحارم من زيارة زوجته
، لما في ذلك من قطيعة الرحم ، والقطيعة محرمة على كل حال ، فلا يجوز للزوج أن يسعى
في محرم ، بل الواجب عليه أن يسعى في إصلاح ذات البين ، وصلة الأرحام ، ومعلوم أن
إكرام أرحام الزوجة هو من إكرام الزوجة وإحسان صحبتها ، والنبي صلى الله عليه وسلم
يقول :
( خَيرُكُم خَيرُكُم لِأَهلِهِ ) رواه
الترمذي (3895) وقال : هذا حديث حسن غريب صحيح . وصححه الألباني في "الصحيحة"
(1174)
فإن وجد ريبة من بعض أرحام الزوجة ، أو غلب على ظنه أن أحدا منهم أو من والديها
يسعى للإفساد بين الزوجين ، فيجوز له حينئذ منعهم من زيارتها درءا للمفسدة ، ولا
إثم عليه في ذلك .
انظر سؤال رقم (10680)
والله أعلم .