الحالات التي يجوز فيها رفع أجهزة الإنعاش
ابنتي عمرها خمسة أشهر. لديها مرض جيني دماغي ولا تستطيع أن تأكل أو تتنفس أو تبتلع أو تحرك عينيها أو تغلق جفن عينيها بشكل كامل، ولا تحرك رقبتها ولا تستطيع زيادة وزنها. مع أن عمرها خمسة أشهر، وبرغم أن تركيبة السعرات الحرارية عالية، فإن وزنها 9 أرطال. عملية توسيع القصبة الهوائية، والذي من خلاله تتنفس، وعملية فتح ممر لمد قصبة إلى المعدة لتسهيل تغذيتها. لقد كشف عليها الكثير من الأطباء لكن لا أحد عرف لماذا تعاني من هذه المشاكل. وحاليا بدأت تفقد وزنها وتصاب بالعديد من الأمراض المعدية وتقريبا مرة أو مرتين تمرر تيوبات للدم والبول والهواء والوسط المعوي—حتى عند ما تبين الفحوصات العدوى فالأطباء يستخدمون وصفات طبية لم تستخدم أبدا مع أطفال آخرين بسبب الأعراض الجانبية، لكن في حالتها هذه لا شيء ينفع. ومؤخرا تم وضع أكسجين ومن حين لآخر تحتاج تهوية وجهاز التنفس عند توقف تنفسها. وكأم يصعب عليّ رؤية طفلتها مصابة بالعديد من الأمراض، وتعاني الآلام في كل وقت. والآن يخيروننا بتزويدها بجهاز للتحكم بنبضات القلب إذا توقفت وبه لا يحتاجون فك عملية، وجهاز CPR للحفاظ على الحياة ظنا منهم أنها لن تتحمل أي نوع من أنواع الإنعاش. ويحاولون أن يخففوا الآلام عليها بقدر المستطاع، لكنهم لا يريدون وضع أجهزة كثيرة على جسدها لكي لا يزداد الاحتياج إليها. ليس لديهم أمل وخيرونا أن نرفض كل فحوصات الدم و.... إلخ، للتخفيف من آلامها. فهل يجوز لي أن أوقع على قبول DNR لكون الأطباء يرون أن هذا أفضل طريقة؟
الجواب
الحمد لله.
نسأل الله تعالى لكم الصبر والأجر ، وأن يقضي لابنتكم ما فيه الخير لها ولكم .
والتوقيع على DNR ومعناه : "لا تقم بعملية الإنعاش" Do Not Resuscitate" لا يجوز إلا في حالات معينة بَيَّنها أهل العلم ، وهي كما يلي :
" أولا : إذا وصل المريض إلى المستشفى وهو متوفى فلا حاجة لاستعمال جهاز الإنعاش .
ثانيا : إذا كانت حالة المريض غير صالحة للإنعاش بتقرير ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات - فلا حاجة أيضا لاستعمال جهاز الإنعاش .
ثالثا : إذا كان مرض المريض مستعصيا غير قابل للعلاج ، وأن الموت محقق بشهادة ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات - فلا حاجة أيضا لاستعمال جهاز الإنعاش .
رابعا : إذا كان المريض في حالة عجز ، أو في حالة خمول ذهني مع مرض مزمن ، أو مرض السرطان في مرحلة متقدمة ، أو مرض القلب والرئتين المزمن ، مع تكرار توقف القلب والرئتين ، وقرر ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات ذلك - فلا حاجة لاستعمال جهاز الإنعاش .
خامسا : إذا وجد لدى المريض دليل على الإصابة بتلف في الدماغ مستعص على العلاج بتقرير ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات - فلا حاجة أيضا لاستعمال جهاز الإنعاش ، لعدم الفائدة في ذلك .
سادسا : إذا كان إنعاش القلب والرئتين غير مجد ، وغير ملائم لوضع معين حسب رأي ثلاثة من الأطباء المختصين الثقات – فلا حاجة لاستعمال آلات الإنعاش ، ولا يلتفت إلى رأي أولياء المريض في وضع آلات الإنعاش أو رفعها ، لكون ذلك ليس من اختصاصهم" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز ... الشيخ عبد الرزاق عفيفي .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (25/80).
وجاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي رقم (5) د 3/ 07/ 86 بشأن "أجهزة الإنعاش" :
" إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورة مؤتمره الثالث بعمان عاصمة المملكة الأردنية الهاشمية من 8 إلى 13 صفر هـ / 11 إلى 16 أكتوبر 1986م.
بعد التداول في سائر النواحي التي أثيرت حول موضوع "أجهزة الإنعاش" واستماعه إلى شرح مستفيض من الأطباء المختصين.
قرر ما يلي:
يعتبر شرعًا أن الشخص قد مات وتترتب جميع الأحكام المقررة شرعًا للوفاة عند ذلك إذا تبينت فيه إحدى العلامتين التاليتين:
1- إذا توقف قلبه وتنفسه توقفا تامًا وحكم الأطباء بأن هذا التوقف لا رجعة فيه.
2- إذا تعطلت جميع وظائف دماغه تعطلًا نهائيًا، وحكم الأطباء الاختصاصيون الخبراء بأن هذا التعطل لا رجعة فيه. وأخذ دماغه في التحلل، وفي هذه الحالة يسوغ رفع أجهزة الإنعاش المركبة على الشخص وإن كان بعض الأعضاء كالقلب مثلا لا يزال يعمل آليًا بفعل الأجهزة المركبة " انتهى من "مجلة مجمع الفقه" عدد 3 مجلد 2 ص 807 .
وينبغي الحذر من التعجل في هذا القرار بدافع الشفقة من الأبوين أو أحدهما ، أو بدافع حرص الطبيب على توفير جهاز الإنعاش لمريض آخر ، ولهذا كان لابد من اتفاق ثلاثة من الأطباء على وجود أحد الأسباب التي تجيز رفع الإنعاش .
والله أعلم.