بنى بناية للإيجار ثم قرر بيعها فهل تلزمه الزكاة ؟
بنينا بناية بغرض الإيجار ، لكن بعد التكملة قررنا أن نبيع غرف البناية على مراحل حتى نبيع كل الغرف في البناية ، وفي نفس الوقت نبني بناية أخرى بهذا المبلغ ، فهل فيها الزكاة ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
البناء المعد للإيجار لا زكاة فيه ، وإنما تزكى أجرته إذا بلغت نصابا وحال عليها
الحول .
ثانيا :
الذي يظهر من صنيعكم أن نيتكم تحولت من نية الإجارة إلى نية التجارة بهذا المبنى ،
فيكون عليكم زكاة عروض التجارة في هذا المبنى ، ويبدأ حساب الحول من حين تحولت
نيتكم إلى التجارة ، وهذا مبني على القول الذي رجحه جمع من أهل العلم ، وهو أن نية
التجارة تكفي لوجوب زكاة التجارة ، وهو رواية عن الإمام أحمد رحمه الله ، ورجحها
الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ، كما سيأتي .
وأما القول الآخر وهو قول الجمهور ، فلا تكفي النية عندهم لوجوب زكاة التجارة ، بل
يشترط أن يملك السلعة بفعله ، وأن ينوي التجارة عند تملكها ، فلو ملكها أولا بنية
الاقتناء أو الإجارة – كما هو حالكم – ثم نوى التجارة ، لم تلزمه الزكاة .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا يصير العَرَض للتجارة إلا بشرطين ; أحدهما أن
يملكه بفعله , كالبيع , وقبول الهبة , والوصية , والغنيمة , واكتساب المباحات...
والثاني : أن ينوي عند تملكه أنه للتجارة ، فإن لم ينو عند تملكه أنه للتجارة لم
يصر للتجارة وإن نواه بعد ذلك .
وعن أحمد , رواية أخرى , أن العرض يصير للتجارة بمجرد النية ; لقول سمرة : (أمرنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج الصدقة مما نعد للبيع) .
فعلى هذا ؛ لا يعتبر أن يملكه بفعله , ولا أن يكون في مقابلة عوض , بل متى نوى به
التجارة صار للتجارة " انتهى من "المغني"
(2/336).
وينظر : "بدائع الصنائع" (2/12) ، "شرح
الخرشي على خليل" (2/195) ، "المجموع" (6/5) ، "الموسوعة الفقهية" (23/271) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " والقول الثاني في المسألة : أنها تكون للتجارة
بالنية ولو ملكها بغير فعله ، ولو ملكها بغير نية التجارة ؛ لعموم قول النبي صلى
الله عليه وسلم : ( إنما الأعمال بالنيات ، وإنما لكل امرئ ما نوى ) وهذا الرجل نوى
التجارة ، فتكون لها .
مثال : لو اشترى سيارة يستعملها في الركوب ، ثم بدا له أن يجعلها رأس مال يتجر به ،
فهذا تلزمه الزكاة إذا تم الحول من نيته ، فإن كان عنده سيارة يستعملها ، بدا له أن
يبيعها فلا تكون للتجارة ؛ لأن بيعه هنا ليس للتجارة ، ولكن لرغبته عنها .
ومثله لو كان عنده أرض اشتراها للبناء عليها ، ثم بدا له أن يبيعها ويشتري سواها ،
وعرضها للبيع فإنها لا تكون للتجارة ؛ لأن نية البيع هنا ليست للتكسب بل لرغبته
عنها ، فهناك فرق بين شخص يجعلها رأس مال يتجر بها ، وشخص عدل عن هذا الشيء ورغب
عنه ، وأراد أن يبيعه ، فالصورة الأولى فيها الزكاة على القول الراجح ، والثانية لا
زكاة فيها " انتهى من "الشرح الممتع"
(2/626) .
وعلى هذا ؛ فإذا كان بيعكم لهذه الغرف ليس من أجل التجارة والتكسب ، وإنما لكونكم
وجدتم مكاناً أحسن - مثلاً - ، تريدون الانتقال إليه ، فليس عليكم زكاة .
قال الشيخ ابن عثيمين في "شرح الكافي" :
"الراجح أنها تكون للتجارة بنيته ،
لكن لاحظ أنه يريد نية التجارة ، لا نية التخلص منها ، بأن تكون طابت نفسه ، ويريد
أن يبيعها ، هذا ليست عليه زكاة " انتهى .
والله أعلم .