الحمد لله.
لا يجوز إعادة تصنيع أوراق المصحف التالفة واستعمالها في شيء آخر غير القرآن ؛ لأن هذا يعد نوعاً من الامتهان لها ، والذي ينبغي هو حرق هذه الأوراق أو تدفن في مكان طاهر صيانة لها ، حتى لا توطأ بالأقدام أو تلقى على الأرض .
وقد روى البخاري (4988) عن أَنَس بْن مَالِكٍ رضي الله عنه ( أن عثمان بن عفان رضي الله عنه لما أمر بنسخ المصاحف َأَرْسَلَ إِلَى كُلِّ أُفُقٍ بِمُصْحَفٍ مِمَّا نَسَخُوا ، وَأَمَرَ بِمَا سِوَاهُ مِنْ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ صَحِيفَةٍ أَوْ مُصْحَفٍ أَنْ يُحْرَقَ ) .
قَالَ اِبْن بَطَّال : " فِي هَذَا الْحَدِيث جَوَاز تَحْرِيق الْكُتُب الَّتِي فِيهَا اِسْم اللَّه بِالنَّارِ ، وَأَنَّ ذَلِكَ إِكْرَام لَهَا ، وَصَوْن عَنْ وَطْئِهَا بِالْأَقْدَامِ . وَقَدْ أَخْرَجَ عَبْد الرَّزَّاق مِنْ طَرِيق طَاوُسٍ أَنَّهُ كَانَ يُحَرِّق الرَّسَائِل الَّتِي فِيهَا الْبَسْمَلَة إِذَا اِجْتَمَعَتْ ، وَكَذَا فَعَلَ عُرْوَة " انتهى من "فتح الباري" .
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة " للإفتاء (3/40) :
" ما اندرس من أوراق المصحف الشريف فإنه يحرق أو يدفن في مكان طاهر صيانةً له من الامتهان " انتهى .
وقد سئل علماء اللجنة الدائمة للإفتاء عن إعادة تصنيع الأوراق التالفة من المصاحف وكتب السنة . هل يجوز للمسلمين أن يضعوها في الماكينة بالمصنع مع كمال الاحترام والماكينة تغير هيئتها بالأدوية وتصير مثل القطن وبعده تصنع منها أوراقا جديدة ؟
فأجابوا :
" أولا : يجب صيانة الأوراق المكتوب بها القرآن العظيم ؛ لأنه كلام رب العالمين ، فيحرم امتهانها أو تعريضها للإهانة .
ثانيا : لا يجوز تمكين غير المسلمين من مس الكتاب الكريم - القرآن - .
ثالثا : يجوز للمسلمين إزالة رسم القرآن من الأوراق والمصاحف المتمزقة ، إما بالإحراق ، أو دفنها في أرض طاهرة ؛ احتراما للقرآن ، وصونا له عن الأذى والإهانة . وسبق أن عرض موضوع استعمال الأوراق التي فيها شيء من القرآن على مجلس هيئة كبار العلماء في دورته السادسة والعشرين ، وصدر منه قرار بالإجماع يمنع ما ذكره السائل ، وهذا نص ما قال مجيبا لمعالي وزير الحج والأوقاف في المملكة العربية السعودية :
1- ما عملتم به بشأن الأوراق التجريبية من طحنها ثم حرقها ثم دفنها في مكان طاهر - عمل جيد ، وموافق لما ذكره أهل العلم ؛ اقتداء بالخليفة الراشد عثمان بن عفان رضي الله عنه .
2- يرى المجلس عدم الموافقة على طلب مصنع الغدير ؛ لما يترتب على ذلك من الإهانة والابتذال ؛ لما في الأوراق من كلام الله عز وجل " انتهى .
"فتاوى اللجنة" (4/53 - 55) .
والله أعلم