الحمد لله.
أولاً :
الواجب على المسلم اتباع ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم في جميع أموره اعتقاداً وقولاً وعملاً وسلوكاً ، على ضوء فهم السلف الصالح من الصحابة والتابعين ، والأدلة الواردة في وجوب التمسك بهدي القرآن والسنة ، والتحذير من البدع والفرق المحدثة كثيرة مشهورة منها :
قوله صلى الله عليه وسلم في حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه قال : صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَاتَ يَوْمٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْنَا فَوَعَظَنَا مَوْعِظَةً بَلِيغَةً ذَرَفتْ مِنْهَا الْعُيُونُ وَوَجِلَتْ مِنْهَا الْقُلُوبُ ، فَقَالَ قَائِلٌ : يَا رَسُولَ اللهِ ، كَأَنَّ هَذِهِ مَوْعِظَةُ مُوَدِّعٍ ، فَمَاذَا تَعْهَدُ إِلَيْنَا ؟ فَقَالَ : (أُوصِيكُمْ بِتَقْوَى اللهِ ، وَالسَّمْعِ وَالطَّاعَةِ ، وَإِنْ عَبْدًا حَبَشِيًّا ؛ فَإِنَّهُ مَنْ يَعِشْ مِنْكُمْ بَعْدِي فَسَيَرَى اخْتِلاَفًا كَثِيرًا ، فَعَلَيْكُمْ بِسُنَّتِي وَسُنَّةِ الْخُلَفَاءِ الْمَهْدِيِّينَ الرَّاشِدِينَ ، تَمَسَّكُوا بِهَا وَعَضُّوا عَلَيْهَا بِالنَّوَاجِذِ ، وَإِيَّاكُمْ وَمُحْدَثَاتِ الْأُمُورِ ؛ فَإِنَّ كُلَّ مُحْدَثَةٍ بِدْعَةٌ ، وَكُلُّ بِدْعَةٌ ضَلاَلَةٌ) أبو داود ( 4443) والترمذي ( 2676) ، وقال : هذا حديث حسن صحيح . وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي (2676) .
وقد أخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم (أن هَذِهِ الْأُمَّةَ سَتَفْتَرِقُ عَلَى ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ مِلَّةً ، قال : كُلُّهَا فِي النَّارِ إِلَّا وَاحِدَةً ، وَهِيَ الْجَمَاعَةُ) رواه الإمام أحمد (16490) ، وأبو داود (4597) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
وفي حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنهما عند الترمذي (2641) : (قَالُوا : وَمَنْ هِيَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ : مَا أَنَا عَلَيْهِ وَأَصْحَابِي) وحسنه الألباني في صحيح الترمذي .
فاتباع السنة ليس أمرا اختياريا ، بحيث يسوغ للمسلم الانتقال عنه متى ما أراد ذلك ، فلا يجوز له بحال الانتقال إلى ما يخالف السنة من المذاهب والفرق ، سواء كان ذلك فرقة زيدية أم غيرها من الفرق والمذاهب .
ثانياً :
الزيدية فرقة من فرق الشيعة ، نسبةً إلى زيد بن علي بن الحسين زين العابدين المتوفى سنة (122ﻫ) . وبعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنه ظهرت معظم الفرق التي تزعم التشيع ، بل أخذت دعوى التشيع تتصاعد في الغلو ، وفي أيام علي بن الحسين الملقب "زين العابدين" طمع الشيعة في استجلابه إليهم ، غير أنه كان على ولاء ووفاء لحكام دولة بني أمية ، متجنباً لمن ينازعهم . وكان له أولاد منهم : زيد ، وعمر ومحمد .
وقد اختلف الشيعة في أمر زيد ومحمد أيهما أولى بالإمامة بعد أبيهما ؟
فذهبت طائفة إلى أن الإمامة لزيد فسموا "زيدية" ، ويرتبون الأئمة ابتداء بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه ثم ابنه الحسن ثم الحسين ثم هي شورى بعد ذلك بين أولادهما ، ثم علي بن الحسين زين العابدين ، ثم ابنه زيد ثم ابنه يحيى بن زيد ثم ابنه عيسى بن زيد .
وبعد ذلك يشترطون أن يكون كل فاطمي اجتمعت فيه خصال الولاية من الشجاعة والسخاء والزهد ، وخرج ينادي بالإمامة ، يكون إماماً واجب الطاعة سواء كان من أولاد الحسن أو الحسين ، عكس ما يعتقده الشيعة الاثنا عشرية الذين جعلوا الأئمة في أولاد الحسين فقط .
ومن فرق الزيدية : 1- الجارودية ، وهي أشهرها 2- السليمانية أو الجريرية 3- البترية أو الصالحية 4- اليعقوبية .
ومن معتقدات الزيدية :
1- القول بالمهدي المنتظر والغائب المكتوم ، وأنه سيخرج ويغلب .
2- القول بأن مرتكب الكبيرة مخلد في النار ، كما يقول الخوارج والمعتزلة .
3- تفضيل علي على الشيخين أبي بكر وعمر رضي الله عنهم .
4- يرى فرقة منهم أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى للأئمة من بعده ، وأنهم معصومون .
5- منهم من يرفض خلافة أبي بكر وعمر ويتبرأ منهما ، ومن يكفر عثمان .
ينظر: "فرق معاصرة تنتسب إلى الإسلام" د. غالب العواجي (1/334 – 343) .
ثالثاً :
أما الفرق بين مذهب أهل السنة والزيدية فواضح جلي ، ويتمثل ذلك في أن أهم المعتقدات التي قامت عليها هذه الفرقة ـ كما تقدم ذكر بعضها ـ مخالفة لهدي النبي صلى الله عليه وسلم ، وهدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين بما فيهم آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأهل السنة يخالفونهم في معتقداتهم تلك ، فهم لا يقولون بوصية النبي صلى الله عليه وسلم للأئمة من آل بيته ، ولا بعصمة أحد من البشر إلا الأنبياء ، وأن مرتكب الكبيرة تحت مشيئة الله إن شاء عذبه وإن شاء غفر له ، وأن أفضل الأمة بعد رسول الله هو أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ، ويحبونهم وجميع الصحابة ويترضون عنهم ، كما دلت عليه الأحاديث الصحيحة الثابتة .
نسأل الله عز وجل أن يهدينا وإياك وسائر المسلمين إلى الصراط المستقيم .
والله أعلم .