الحمد لله.
(العاملين عليها) في قوله تعالى : ( إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) التوبة/60.
هم الذين يتولون جمعها وإحصاءها وتوزيعها على مستحقيها ، بتكليف ولي الأمر ، ويدخل في ذلك الكتبة والمحاسبون ونحوهم .
قال النووي رحمه الله في "المجموع" (6/165) : "قَالَ الشَّافِعِيُّ وَالْأَصْحَابُ رحمهم الله : إنْ كَانَ مُفَرِّقُ الزَّكَاةِ هُوَ الْمَالِكُ أَوْ وَكِيلُهُ سَقَطَ نَصِيبُ الْعَامِلِ ، وَوَجَبَ صَرْفُهَا إلَى الْأَصْنَافِ السَّبْعَةِ الْبَاقِينَ إنْ وُجِدُوا , وَإِلَّا فَالْمَوْجُودُ مِنْهُمْ" انتهى .
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
"العاملون عليها هم العمال الذين يوكلهم ولي الأمر في جبايتها والسفر إلى البلدان والمياه التي عليها أهل الأموال حتى يجبوها منهم ، فهم جباتها وحفاظها والقائمون عليها ، يُعطوْن منها بقدر عملهم وتعبهم على ما يراه ولي الأمر" انتهى باختصار يسير .
"مجموع فتاوى ابن باز" (14/14) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
"(وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا) هم الذين أقامهم الإمام أي ولي الأمر لقبض الزكاة وتفريقها فيهم ، وهم عاملون عليها ، أي : لهم ولاية عليها .
وأما الوكيل الخاص لصاحب المال الذي يقول له : يا فلان خذ زكاتي ووزعها على الفقراء فليس من العاملين عليها ؛ لأن هذا وكيل ، فهو عامل فيها ، وليس عاملاً عليها" انتهى .
"فتاوى نور على الدرب" (206/29) .
وسئل الشيخ رحمه الله : والعاملين في الجمعية هل يعطون من أموال الزكاة ؟
فأجاب: العاملين إذا كانوا منصوبين من قبل الدولة .
فقال السائل : لكن من الجمعية محاسب راتبه ما يكفيه ؟
فقال الشيخ : لا يمكن إلا من جهة الدولة ؛ لأن العاملين عليها هم العاملون من قبل الدولة ، من قبل ولي الأمر ، ولهذا جاء حرف الجر "عليها" ، ولم يقل "فيها" ، إشارة إلى أنه لابد أن تكون لهم ولاية ، ولا ولاية لهم إلا إذا أنابهم ولي الأمر منابه" انتهى .
"لقاء الباب المفتوح" (141/13) .
فإذا تطوعت إحدى الجمعيات ، ونصبت بعض أفرادها لهذا العمل ، فهؤلاء العمال إما أن يتطوعوا بالعمل محتسبين ، أو تكون أرزاقهم من هذه الجمعية التي ينتسبون إليها ، من أموالها ، أو مما يصلها من أموال التبرعات العامة وصدقات التطوع ونحوه ، ولا يأخذون شيئا من أموال الزكاة على أنهم من العاملين عليها .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
نرجو من فضيلتكم الإجابة على هذه الأسئلة المتعلقة بالأعمال والشؤون المالية في صندوق إقراض الراغبين في الزواج ، يرد إلى الصندوق بعض الزكوات العامة وغير المخصصة ، هل يجوز الصرف من هذه الأموال رواتب للموظفين العاملين في الصندوق والمصاريف النثرية الهامة التي تتعلق بسير العمل واستمراره ؟
فأجاب : "لا أرى أن يصرف من الزكاة للعاملين في ذلك ؛ لأنهم ليسوا من العاملين عليها ، وأما من الصدقات والتبرعات التي ليست بزكاة فلا بأس" انتهى .
"مجموع الفتاوى" (13/1577) .