تعمل بعيداً عن أهلها وتعاني من الوحدة والعزلة
أصبت بعاهة خَلقية منذ الولادة ، وأمضيت سنوات عديدة من العلاج خلال طفولتي ، لم أتعالج تماماً ، وتأخرت في دراستي ، ورغم ذلك : استطعت الحصول على أعلى الشهادات - ولله الحمد - ، والحصول على عمل حكومي ، بعيداً عن عائلتي ، الحمد لله ، رغم الآلام أستطيع المشي ، والاعتماد على نفسي ، عائلتي تركتني أعيش وحدي ، ولم تشأ الانتقال للعيش معي ، لم يتقدم لي أحد للزواج ، السؤال : كيف أصبر على وحدتي وعزلتي ؟ أنا أحتاج لهذا العمل كي أعيل نفسي ، فوالدي كبير السن ، وإخوتي كلهم منشغلون مع عائلاتهم ، أحياناً أحس بأنني لا أستحق السعادة ، وأستغفر الله ، وأحاول الصبر ، أضع الحجاب - ولله الحمد - ، وأحاول التصبر ، وأحمد الله ، وأحلم بالجنة ، كيف أستطيع التغلب على هواجسي ، وضعف نفسي ؟ أفيدوني بارك الله فيكم .
الجواب
الحمد لله.
أولاً :
نسأل الله تعالى أن يُعظم لك الأجر على ما ابتلاكِ به ، ولا شك أن لله تعالى الحكمة
البالغة في ذلك ، فالوصية لك : الاستمرار على احتساب مصيبتك عند ربك تعالى ، والصبر
على ذلك ، وعدم التضجر والتسخط ، وهذا هو حال المؤمن ، فهو شاكر في السرَّاء ، صابر
في الضراء ، وخير خلق الله تعالى هم الرسل الكرام ، وقد كانت حياتهم مليئة
بالابتلاءات ، فهذا أيوب عليه السلام صبر على ما ابتلاه الله به من بلاء في بدنه ،
حتى صار مضرب الأمثال في الصبر ، وهذا يعقوب عليه السلام ابتلاه ربه تعالى بغياب
ابنيْه ، حتى فرَّج الله عنهم ، ورفع قدرهم ، وأجزل لهم المثوبة .
ثانياً :
أما بخصوص عملك – أختنا السائلة - : فإنه وإن كان الأصل هو أن تقر المرأة في بيتها
، لكن لا يحرم عملها إن كان منضبطاً بضوابط الشرع ، وخاصة مع الحاجة الماسة له من
قِبَلها ، كأن تفقد المعيل الذي يُنفق عليها .
وقد ذكرنا ضوابط عمل المرأة في جواب السؤال رقم : (22397)
ورقم (6666) .
ثالثاً:
من المهم – أختنا السائلة – أن تقضي على وحدتك ، وعزلتك عن الناس ؛ لما في الوحدة
والعزلة من مساوئ ، ومضار ، فالوحدة والعزلة طريق الهم ، والغم ، والقلق ،
والاكتئاب . وانظري أجوبة الأسئلة : (106441)
و (47026) و (65922)
.
فعليك المبادرة للقضاء على وحدتك وعزلتك عن الناس ، وفي ذلك نوصيك بفعل أحد الأمور
التالية :
1. أن تبحثي عن عمل مباح بقرب أهلك وأسرتك ، فبذا تقضين على العزلة ، وتشعرين
بالأمان بينهم ، وتقومين على رعاية والدك الكبير في السن ، فإن عجزت عن ذلك ببدنك :
فلا أقل من وجودك معه ، والاستئناس بالقرب منه ، واستئناسه بقربه منك .
2. فإن كان الأمر الأول يصعب تحقيقه : فابحثي عن أخت فاضلة ، أو اثنتين ؛ لتسكنوا
سوية في بيت واحد ؛ فإن من شأن هذا أن يقضي على عزلتك ووحدتك ، وأن يعينك على
الطاعة والعبادة ، فالمجموعة يذكر بعضهم بعضاً ، ويشجع بعضهم بعضاً .
3. فإن لم يتيسر شيء مما سبق : فيمكنك البحث – في مكان عملك – عن أسرة لا يوجد فيها
رجال أجانب ، وأن تعرضي عليهم السكنى معهم ، مقابل مشاركتهم بمصاريف البيت ، ولا
تخلو المجتمعات – عادة – من وجود أُسَر لمطلقة أو أرملة معهن بناتهن ، ولا وجود
لرجال في بيوتهن .
4. ابحثي عن إحدى الجمعيات الخيرية النسائية ، وشاركي في العمل الخيري معهن ، فبذلك
تنفعين نفسك وغيرك وتقضين على هذه الوحدة ، وتقومين بعمل نافع ينفعك في آخرتك .
وابحثي أيضاً : عن أخوات لك مستقيمات لهن جلسات في تعليم القرآن أو تعليم العلم
النافع ... واشتركي معهن في تلك الجلسات المفيدة .
5. عمل برنامج يومي منوع منضبط ، يجمع بين قراءة القرآن ، وقراءة ما يتيسر من كتب
العلم ، والاستماع لبرامج نافعة هادفة من المذياع أو من القنوات الإسلامية الموثوقة
، وبذا تقضين على وقت الفراغ الذي يجلب الأمراض ، ويقضي على العمر الذي يمضي منك من
غير نفع ، ولا فائدة .
واللهَ نسأل أن يوفقك لما يحب ويرضى ، وأن يملأ قلبك يقيناً ، وحياتك سعادة ، ووقتك
طاعة ونفعاً .
والله أعلم