أخت لنا في الله تعاني من تساقط الشعر والدكتور طلب منها عدم غسله بالماء إلا مرة كل أسبوع مع العلاج لمدة ثلاثة أشهر . كيف لها أن تتطهر من الجنابة ؟
الحمد لله.
الواجب في غسل الجنابة استيعاب جميع البدن بالماء ، إلا أن المرأة إذا ضفرت شعرها لم يلزمها نقضه ، لكن تحثي على رأسها الماء بحيث يصل إلى جميع شعرها .
وذلك لما روى مسلم (330) عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي ، فَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ ؟ قَالَ : (لا ، إِنَّمَا يَكْفِيكِ أَنْ تَحْثِي عَلَى رَأْسِكِ ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ، ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْكِ الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ) وفي رواية : (فَأَنْقُضُهُ لِلْحَيْضَةِ وَالْجَنَابَةِ ؟ فَقَالَ : لا) .
قال النووي رحمه الله في شرح مسلم : " فمذهبنا ومذهب الجمهور أن ضفائر المغتسلة إذا وصل الماء إلى جميع شعرها ظاهرِه وباطنِه من غير نقض لم يجب نقضُها ، وإن لم يصل إلا بنقضِها وجب نقضُها ، وحديث أم سلمة محمول على أنه كان يصل الماء إلى جميع شعرها من غير نقض ؛ لأن إيصال الماء واجب . وحُكِي عن النَّخعي وجوبُ نقضها بكل حال ، وعن الحسن وطاوس وجوب النقض في غسل الحيض دون الجنابة ، ودليلنا حديث أم سلمة " انتهى .
وإذا كان استعمال الماء يضرها ويؤدي إلى تساقط شعر رأسها ، فإنها تتيمم وتغسل بقية جسدها ؛ لقوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً فَتَيَمَّمُوا صَعِيدًا طَيِّبًا) المائدة/6 ، ففي الآية دليل على أن المريض الذي يضره استعمال الماء أو يؤدي إلى تأخير شفائه أنه يتيمم , وقد بيَّن الله تعالى حكمة هذا التشريع فقال : (مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) المائدة / 6 .
وإن أمكنها مسح رأسها ، مسحته وتيممت وغسلت باقي جسدها ، لأن هذا في وسعها ، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : أنا امرأة متزوجة ومريضة بحساسية في الصدر ، وعندي نزلة طول العام فكيف أصلي ؟ هل أغتسل وبدون غسل الرأس ومسحه فقط ؟ علمًا بأنني أُصاب بالنزلة عند غسل الرأس مرات في الأسبوع وكثيرًا ما أترك الصلاة لعدم قدرتي على غسل الرأس ومسحه فقط ومترددة وقلقة ومنزعجة جدًا رغم أنني أعرف أن الدين يسر ، فأرجو إفادتي بالإجابة القاطعة حتى أستطيع أن أعيش في أمان ، وأؤدي فرضي كاملاً ، علمًا بأنني مدرسة ويوميًا أخرج للعمل فأُصاب بالهواء الذي يُلزمني السرير عادة فأنا مريضة ، والله يعلم فأنا حائرة بين ممارسة حياتي الزوجية وهي طاعة الزوج وفوق ذلك طاعة الله .
فأجاب :
"إذا كان يضرك غسل الرأس من الجنابة والحيض كفاك مسحه مع التيمم ، لقول الله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) . وقول النبي صلى الله عليه وسلم : (ما نهيتكم عنه فاجتنبوه وما أمرتكم به فائتوا منه ما استطعتم)" انتهى نقلا عن "فتاوى إسلامية" (1/214) .
وينظر صفة التيمم في جواب السؤال رقم (21074) .
وهذا التيمم يجوز أن يكون قبل الغسل أو بعده ، لأن الترتيب بين الأعضاء لا يجب في الغسل.
ويجب التنبه إلى أن بعض النساء تبالغ في الخوف من تساقط الشعر ، فلا بد أن يكون تساقط الشعر مرضا حقيقيا وليس وهما أو هاجسا ، حتى يرخص للمرأة في ترك غسل رأسها والاكتفاء بمسحه والتيمم .
والله أعلم .