الحمد لله.
أولاً :
الأصل أنه لا يجوز إعطاء الزكاة لأحد من آل البيت ، وقد سبق تفصيل ذلك في جواب سؤال رقم (21981) .
ثانياً :
من دفع زكاته لشخص بعد أن تحرَّى حاله وغلب على ظنه أنه من أهل الاستحقاق ، ثم تبين له أنه غير مستحق للزكاة ، فالصواب أن الزكاة مجزئة ؛ لقوله تعالى : (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) ، فلا يطالب بإعادة إخراجها .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (23/334) :
"وعلى دافع الزكاة أن يجتهد في تعرف مستحقي الزكاة , فإن دفعها بغير اجتهاده , أو كان اجتهاده أنه من غير أهلها وأعطاه لم تجزئ عنه , إن تبين الآخذ من غير أهلها , والمراد بالاجتهاد : النظر في أمارات الاستحقاق , فلو شك في كون الآخذ فقيرا فعليه الاجتهاد كذلك .
أما إن اجتهد فدفع لمن غلب على ظنه أنه من أهل الزكاة فتبين عدم كونه من أهلها , فقد اختلف الفقهاء في ذلك , فقال بعضهم : تجزئه , وقال آخرون : لا تجزئه , على تفصيل يختلف من مذهب إلى مذهب .
فعند أبي حنيفة ومحمد : إن دفع الزكاة إلى من يظنه فقيرا ثم بان أنه غني أو هاشمي أو كافر , أو دفع في ظلمة , فبان أن الآخذ أبوه , أو ابنه فلا إعادة عليه , لحديث معن بن يزيد قال : (كان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد , فجئت فأخذتها فأتيته بها , فقال : والله ما إياك أردت , فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : لك ما نويت يا يزيد , ولك ما أخذت يا معن) . ولأنا لو أمرناه بالإعادة أفضى إلى الحرج ; لأنه ربما تكرر خطؤه ...
وقال أبو يوسف : لا تجزئه إن تبين أن الآخذ ليس من المصارف , لظهور خطئه بيقين مع إمكان معرفة ذلك ...
وقال الحنابلة : إن بان الآخذ عبدا أو كافرا أو هاشميا , أو قرابة للمعطي ممن لا يجوز الدفع إليه , فلا تجزئ الزكاة عن دافعها رواية واحدة ; لأنه ليس بمستحق , ولا تخفى حاله غالبا , فلم يجزه الدفع إليه , كديون الآدميين . أما إن كان ظنه فقيرا فبان غنيا فكذلك على رواية , والأخرى يجزئه , لحديث معن بن يزيد المتقدم , وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (قال رجل : لأتصدقن بصدقة , فخرج بصدقته فوضعها في يد غني , فأصبحوا يتحدثون : تصدق على غني . . . . الحديث وفيه : فأتي فقيل له : أما صدقتك فقد قبلت , لعل الغني يعتبر فينفق مما آتاه الله)" . انتهى باختصار .
قال ابن الهمام : " قال أبو حنيفة ومحمد رحمهما الله : " إذا دفع الزكاة إلى رجل يظنه فقيراً ، ثم بان أنه غني أو هاشمي ... فلا إعادة عليه ؛ لحديث معن بن يزيد ، فإنه عليه الصلاة والسلام قال فيه : (يا يزيد لك ما نويت , ويا معن لك ما أخذت) ، وهذا إذا تحرى فدفع وفي أكبر رأيه أنه مصرف , أما إذا شك ولم يتحر أو تحرى فدفع , وفي أكبر رأيه أنه ليس بمصرف لا يجزيه إلا إذا علم أنه فقير" انتهى من "فتح القدير" (2/276) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : "وهذا القول أقرب إلى الصواب ، أنه إذا دفع إلى من يظنه أهلاً مع الاجتهاد والتحري فتبين أنه غير أهل فزكاته مجزئة ؛ لأنه لما ثبت أنها مجزئة إذا أعطاها لغني ظنه فقيراً ، فيقاس عليه بقية الأصناف " انتهى من "الشرح الممتع" (6/95) .
وقال رحمه الله في "شرح الكافي" : "....والصواب أن الزكاة تجزيء إذا دفعها إلى من يظنه أهلاً بعد التحري عند الشك ، فإذا غلب على ظنه أن هذا من أهلها ، فأعطاها أجزأت سواء كان المانع من إعطائه الغنى أو غيره هذا هو الصحيح ؛ لأن القياس هنا جلي واضح إذ لا فرق بين شخص غني تظنه فقيراً وبين شخص تظنه ليس من أهل البيت ، فيتبين أنه من آل البيت..." انتهى مختصراً
والله أعلم