الحمد لله.
أولا :
لا يجوز العمل في بيع أو شراء تلك المجلات السيئة ، ولا التعاون على ذلك ، أو الدعوة إليه ، سواء كان ذلك بأجر ، أو بغير أجر ؛ لما تحويه تلك المجلات من المحرمات ، كالصور الهابطة ، والمقالات المخالفة لدين الله ، والتي قد تكون مقالات إلحادية ، ومشاركات كفرية ، وخاصة في بلاد الكفر التي لا يدين أهلها دين الله ، ولا يراعون لله حرمة ، ولا يرجون لله وقارا .
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" الصحف التي بهذه المثابة : من نشر الصور الخليعة ، أو سب الدعاة ، أو التثبيط عن الدعوة ، أو نشر المقالات الإلحادية ، أو ما شابه ذلك : الصحف التي هذا شأنها يجب أن تقاطع ، وأن لا تشترى ، ويجب على الدولة إذا كانت إسلامية أن تمنعها ؛ لأن هذه تضر المجتمع وتضر المسلمين ، فالواجب على المسلم ألا يشتريها ، وأن لا يروجها ، وأن يدعو إلى تركها ، ويرغب في عدم اقتنائها وعدم شرائها ، وعلى المسؤولين الذي يستطيعون منعها أن يمنعوها ، أو يوجهوها إلى الخير ، حتى تدع الشر وتستقيم على الخير " انتهى .
"مجموع الفتاوى" ( 8 / 176 ) .
ثانيا :
الواجب عليك التوبة من العمل في ذلك العمل ، تلك الفترة التي قضيتها فيه ، ولا يجوز لك بعد العلم بالتحريم أن تستمر في عملك هذا ، ولا يجوز لك إكمال مدة العقد الباطل الذي عقدته معهم على هذا العمل المحرم ، وأما حكم ما سبق منك من العمل من قبل أن تعلم بالتحريم ، فنرجو أن يكون في محل العفو من الله تعالى . قال تعالى : ( فَمَن جَاءهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىَ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) البقرة/275 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في بيان فوائد هذه الآية :
" ومنها: أن ما أخذه الإنسان من الربا قبل العلم فهو حلال له بشرط أن يتوب وينتهي " .
"تفسير القرآن" (5/298) .
وقد سئل الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله عن شخص يعمل في بنك ربوي ، وقد تزوج منه راتبه من ذلك البنك ، ويتعيش منه ؟
فقال رحمه الله :
" لا يجوز العمل في مثل هذا البنك ، لأن العمل فيه من التعاون على الإثم والعدوان وقد قال الله سبحانه وتعالى ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) .
وفي الصحيح عن جابر بن عبدالله ، عن النبي صلى الله عليه وسلم : أنه لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه ، وقال : ( هم سواء ) . رواه مسلم .
أما الرواتب التي قبضتها فهي حل لك إن كنت جاهلاً بالحكم الشرعي ، لقول الله سبحانه :
( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ ) .
أما إن كنت عالماً بأن هذا العمل لا يجوز لك : فعليك أن تصرف مقابل ما قبضت من الرواتب في المشاريع الخيرية ، ومواساة الفقراء ، مع التوبة إلى الله سبحانه ، ومن تاب إلى الله توبة نصوحاً قبل الله توبته وغفر سيئاته ، كما قال الله سبحانه : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ ) الآية .
وقال تعالى ( وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) " انتهى .
"فتاوى إسلامية" (2/874) .
ثالثا :
العقد الذي بينك وبينهم فيما بقي من هذه المدة : اجتهد في أن تتخلص منه بأي وسيلة تقدر عليها ؛ فإن كان مسموحا لك بأن تستقيل : فقدم لهم استقالتك ، وإن لم يكن ذلك مسموحا ، فحاول أن تحصل على أي نوع من الإجازات ، أو التعلل بظرف طارئ ، أو نحو ذلك ، ولو ترتب على ذلك خسارة مادية ، أو غرامة مالية ، فتحملها نظير تخلصك من هذا العمل المحرم.
واعلم أنه من اتقى الله يسر الله له أمره ، وجعل له من كل ضيق وهم فرجا ومخرجا .
والله أعلم .
راجع إجابة السؤال رقم : (89737) .