ضوابط لتمييز الحديث الصحيح من الضعيف
ما هي ضوابط الحكم على الحديث بالصحة أو الضعف ؟
الجواب
الحمد لله.
الحكم على الحديث بالصحة أو بالضعف يأتي بعد دراسة شاقة تمر في مرحلتين
إجماليتين :
المرحلة الأولى : البحث عن مواضع ورود الحديث في كتب السنة المسندة جميعها قدر
الإمكان ، وجمع الأسانيد التي ورد بها ، وتمييز أماكن التقاء هذه الطرق وأماكن
افتراقها ، ثم تحديد السند الذي دار عليه الحديث وتمييزه للانتقال إلى المرحلة
الثانية من الدراسة .
المرحلة الثانية : دراسة إسناد الحديث ، أو أسانيده المتنوعة ، دراسة مفصلة
لجميع الجوانب التي تؤثر في الحكم على الحديث ، وذلك من خلال :
1- البحث في درجة عدالة الرواة ومدى تدينهم وصدقهم .
2- البحث في درجة حفظ رواة الإسناد ومدى ضبطهم لأحاديثهم .
3-البحث في اتصال الإسناد : بمعنى أن كل راو فيه أخذ عن شيخه الذي حدثه ، وأنه
ليس ثمة انقطاع أو تدليس أو إرسال .
4-البحث في توافق إسناد الحديث ومتنه مع الأحاديث الأخرى ، والسلامة من
المعارضة أو المناقضة ، وهذا مهم جدا أيضا .
5- التأكد من خلو الحديث من العلل الخفية التي لا يميزها إلا العلماء الأفذاذ .
فإذا تمت دراسة الحديث عبر هاتين المرحلتين أمكن الحكم عليه بالصحة أو بالضعف ،
وهذا – كما ترى – عمل شاق مضن ، يتطلب الكثير من الوقت والجهد والخبرة التامة
بعلوم الحديث ومناهج المحدثين ، ولا يمكن شرح تفاصيله في جواب مختصر ينشر عبر
الموقع ، بل هو علم كامل يدرسه الطلبة في الكليات والجامعات ويتخصصون فيه .
وقد سبق في الموقع الكثير من الأجوبة التي تشرح شروط الحكم بالتصحيح أو
بالتضعيف ، وهي : (6981)
، (70455) ، (79163)
، (122507) ، (128854)
ولكننا هنا نذكر بعض الضوابط التي تساعد المسلم – الذي لم يتخصص في دراسة علوم
الشريعة – في الاطلاع على حكم الحديث وتمييز كونه صحيحا أو ضعيفا :
1- إذا كان الحديث من رواية الإمام البخاري في صحيحه بإسناده فهو حديث صحيح .
2- إذا كان الحديث من رواية الإمام مسلم في صحيحه فهو حديث صحيح .
3- إذا كان الحديث من رواية الإمام مالك في الموطأ بإسناده المتصل فهو حديث
صحيح.
4- إذا حكم الإمام أحمد ، أو أبو حاتم ، أو أبو زرعة ، أو البخاري ، أو مسلم ،
أو أبو داود ، أو الدارقطني على حديث ما بالصحة أو بالضعف ، ولم يخالفه أمثاله
من الأئمة ، فهو كما قالوا .
5-إذا بحثت عن الحديث في كتب أهل العلم ، أو في موقع " الدرر السنية "، وكان
بحثك دقيقا ، ووجدت أحكام العلماء متفقة على تصحيح الحديث ، أو على تضعيفه :
فهو كما قالوا ، إذ لا تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم على ضلالة .
6-إذا وجدت متن الحديث يتكلم عن واحد من الأمور التي نص العلماء على أنه لم يصح
فيها حديث : ففي ذلك دلالة على ضعف الحديث وعدم صحته . ويمكن معرفة الأبواب
التي لم يصح فيها حديث من كتب عدة ، منها : " المنار المنيف " لابن قيم الجوزية
، و " التحديث بما قيل لا يصح فيه حديث " للشيخ بكر أبو زيد .
7- كل حديث تنفرد بإخراجه الكتب التالية ، ولا يرويها أصحاب السنن والمسانيد
المشهورة فهو حديث ضعيف ، وهذه الكتب هي : الضعفاء الكبير للعقيلي ، الكامل في
الضعفاء لابن عدي ، تاريخ بغداد للخطيب البغدادي ، تاريخ دمشق لابن عساكر ،
نوادر الأصول للحكيم الترمذي ، مسند الفردوس للديلمي . ويمكنك معرفة هل انفرد
بإخراج الحديث واحد من هؤلاء عن طريق كتاب " الجامع الكبير " للسيوطي رحمه الله
. بل إن كثيرا من الأحاديث التي ينفرد بها ابن ماجه عن باقي أصحاب الكتب الستة
، أو ينفرد بها الطبراني أو أبو نعيم أو ابن حبان أو الحاكم أو الدارقطني أو
البيهقي ونحوهم هي أحاديث ضعيفة ، وإن كان فيها الكثير أيضا من الأحاديث
الصحيحة التي انفردوا بإخراجها .
هذه بعض الضوابط العامة ، والتي يمكن أن يستعان بها في تمييز الحديث الصحيح من
الضعيف ، ولا يفوتنا التنبيه إلى وجود بعض الاستثناءات من هذه الضوابط ، ولكنها
لا تؤثر في مجموعها.
والله أعلم .