الحمد لله.
من استعمل دواء في عضو من أعضاء الوضوء وتضرر بإزالته ، فهو كالجبيرة ، يمسح عليه ، ولا يزيله ، فإن تضرر بالمسح وضع عليه لاصقا ومسح عليه .
واشترط بعض الفقهاء أن يضع الدواء بعد طهارة كاملة ، كما اشترطوا ذلك في الجبيرة ، والراجح أنه لا يشترط ذلك في المسألتين ، فلو وضع الدواء وهو غير متطهر جاز له أن يمسح عليه .
قال في "كشاف القناع" (1/ 120) : " ( ودواء وعصابة ) شد بها رأسه أو غيرها ( ولصوق على جراح أو وجع ولو قارا في شق ) وتضرر بقلعه ( أو تألمت أصبعه , فألقمها مرارة : كجبيرة ) ؛ إذا وضعها على طهارة جاز المسح عليها , لأنها في معناها . وروى الأثرم بإسناده عن ابن عمر أنه خرجت بإبهامه قرحة فألقمه مرارة وكان يتوضأ عليها , قال في الإنصاف : لو انقلع ظفره ، أو كان بإصبعه قرحة أو فصد ، وخاف إصابة الماء أن يزرق الجرح , أو وضع دواء على جرح أو وجع ونحوه : جاز المسح عليه [ يعني : في هذه الصور كلها ] , نص عليه " انتهى .
وسئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله : " هل اللصقة التي توضع على الجرح تأخذ حكم
الجبيرة أو الخف؟
فأجاب : الجرح هو إصابة غير الرأس بمحدد يشق الجلد ويدمي المكان ، فإن كانت الإصابة
في الرأس أو الوجه ، سميت شجة ، وإن كانت في غيرهما ، فهي جرح . فمتى وضع على الجرح
لصوقا أو دواء يمنع وصول الماء إليه ، فلا بد من المسح على اللصوق والدواء إن تضرر
بالغسل ، فإن لم يتضرر اكتفى بمرور الماء عليه . قال الزركشي رحمه الله تعالى : إذ
لا فرق بين الكسر والجرح في موضع الجبيرة . نص عليه أحمد ، وقصة صاحب الشجة كانت في
الجرح . وفي معنى ذلك لو وضع على جرحه دواءً ، وخاف من نزعه ، فإنه يمسح عليه ،
وكذا لو ألقم إصبعه مرارة ، كما روى الأثرم والبيهقي بإسناديهما عن ابن عمر أنه
خرجت بإبهامه قرحة، فألقمها مرارة ، وكان يتوضأ عليها أ.هـ.
وهذا الأثر في "السنن الكبرى" للبيهقي في أبواب المسح على الخفين . والمراد : مرارة
الشاة التي في جوفها ، أي : أدخل أصبعه الجريح فيها كعلاج ، وحتى لا تتضرر القرحة
بالماء . وفسرت المرارة بأنها هنة رقيقة فيها ماء أخضر ، هي لكل ذي روح إلا الجمل
" انتهى من "فتاوى الشيخ ابن جبرين".
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " الجرح الذي يكون في أحد أعضاء الوضوء يجب أولاً غسله إذا كان لا يتضرر بالماء ، فإن كان يتضرر بالماء وكان عليه لفافة : فإنه يمسح هذه اللفافة ، وتغني عن غسله وعن التيمم ، وإن لم يكن عليه اللفافة ، وكان الماء يضره يمسحه بالماء إذا كان لا يضره المسح ، فإن كان يضره المسح تيمم عنه .
فالمراتب ثلاثة :
الأولى : أن لا يضره الغسل فيجب عليه الغسل .
الثانية: أنْ لا يضره المسح فيجب عليه المسح ، إما على اللفافة إن كان ملفوفاً ، أو
على الجرح مباشرة .
الثالثة : أن يضره الغسل والمسح فيتيمم عنه ، ولا يشترط في التيمم كما ذكرنا آنفاً
ترتيب ولا موالاة " انتهى من "فتاوى نور على الدرب".
وينظر للفائدة : سؤال رقم (95065) ، (114192) ، (113647)
ونسأل الله تعالى أن يشفيك ويعافيك .
والله أعلم .