الحمد لله.
إدخال ( الدش ) في بيوت المسلمين من الشر والبلاء الذي ابتلي به كثير من الناس ، والواجب محاربة ذلك بكل ممكن من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة الحكيمة الراشدة والتغيير باليد عند الاستطاعة . راجع إجابة السؤال رقم : (90024) .
والعناية بالبيت المسلم من أكبر مهام أفراده : كبارا وصغارا ، ذكورا وإناثا ، والمسئولية الشرعية واقعة على كل منهم : فعلى من علم أن يعمل بما علم ، وعلى من علم أن يعلّم من لم يعلم ، وعلى من رأى المنكر أن يغيره باليد إن استطاع ، وإلا فباللسان ، وإلا فبالقلب – كما هو معروف - .
ولا يجوز أن يقول الابن مثلا : لست الراعي فلست المسئول ؛ فإن المسئولية في البيت المسلم مسئولية تكاملية ، لا ترتفع عن واحد من أهله حيث رأى المنكر أو علمه ، وقدر على تغييره أو إنكاره ، وكلٌ مسئول بحسبه .
نعم .. الأب هو المسئول الأول ، ولكن ذلك لا يعفي الابن من المسئولية ، وخاصة في غياب الأب ، وخاصة إذا كان هو الأكبر في إخوته .
والأم ، وإن كان لها تمام البر والإحسان ، فإنها – أولا وآخرا امرأة ، والمرأة ضعيفة وناقصة عقل ودين ، وقد لا يكون لديها من العلم والمعرفة الشرعية ما تعرف به كثيرا من المحرمات ، وقد تعجز عن تغيير المنكر إذا أرادته بعد العلم به .
روى البخاري (893) – واللفظ له - ومسلم (1829) عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( كُلُّكُمْ رَاعٍ وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ الْإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَالْمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا ، وَالْخَادِمُ رَاعٍ فِي مَالِ سَيِّدِهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) قَالَ : وَحَسِبْتُ أَنْ قَدْ قَالَ : ( وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ، وَكُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) .
قال النووي رحمه الله :
" قَالَ الْعُلَمَاء : الرَّاعِي هُوَ الْحَافِظ الْمُؤْتَمَن الْمُلْتَزِم صَلَاح مَا قَامَ عَلَيْهِ , وَمَا هُوَ تَحْت نَظَره , فَفِيهِ أَنَّ كُلّ مَنْ كَانَ تَحْت نَظَره شَيْء فَهُوَ مُطَالَب بِالْعَدْلِ فِيهِ , وَالْقِيَام بِمَصَالِحِهِ فِي دِينه وَدُنْيَاهُ وَمُتَعَلِّقَاته " انتهى .
وقوله في الحديث : ( وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي مَالِ أَبِيهِ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ ) دليل على أن الابن مسئول أيضا عن رعية أبيه .
قال الحافظ رحمه الله :
" لَا يَلْزَم مِنْ الِاتِّصَاف بِكَوْنِهِ رَاعِيًا أَنْ لَا يَكُون مَرْعِيًّا بِاعْتِبَارٍ آخَر . وَجَاءَ فِي حَدِيث أَنَس مِثْل حَدِيث اِبْن عُمَر فَزَادَ فِي آخِره " فَأَعِدُّوا لِلْمَسْأَلَةِ جَوَابًا , قَالُوا : وَمَا جَوَابهَا ؟ قَالَ : أَعْمَال الْبِرّ " أَخْرَجَهُ اِبْن عَدِيّ وَالطَّبَرَانِيُّ فِي " الْأَوْسَط " وَسَنَده حَسَن , وَلِابْنِ عَدِيّ بِسَنَدٍ صَحِيح عَنْ أَنَس " إِنَّ اللَّه سَائِل كُلّ رَاعٍ عَمَّا اِسْتَرْعَاهُ حَفِظَ ذَلِكَ أَوْ ضَيَّعَهُ " وَاسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَنَّ الْمُكَلَّف يُؤَاخَذ بِالتَّقْصِيرِ فِي أَمْر مَنْ هُوَ فِي حُكْمه " انتهى .
- ثم هب أنك غير مسئول ، أفترضى لأبيك وأمك وإخوتك الوقوع في المعصية ، والتمادي فيها ، والإصرار عليها ؟
أترضى لأبيك أو أمك – حيث كانا المسئولين عن البيت – أن يحملا الإثم كله ؟
ومن المعلوم أن الابن الأكبر له في بعض البيوت والأسرة منزلة تضارع منزلة الوالد، خاصة في غياب أبيه .
وهنا تقع عليه مسئولية التعليم والتأديب والقوامة على البيت .
فإن لم تكن لك هذه المنزلة فانظر في الوسيلة المناسبة بحسب الحالة التي تراها ، فإما أن تقنع الأم بخطأ ذلك، وخطره على البيت؛ وإما أن تقنع الأب بأن يتولى هو ذلك، إذا لم تستجب لك أمك .
ولا تيأس من دعوة أهل بيتك وإرشادهم ، وتعليمهم وتوجيهم ، والدعاء لهم بالهدى والصلاح.
والله أعلم .
راجع إجابة السؤال رقم : (39357) .