الحمد لله.
أولا :
الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا بشروط أهمها : كون المقيم ذا دين يحجزه عن الشهوات ، وذا علم وبصيرة تعصمه من الشبهات ، وأن يتمكن من إظهار شعائره ، وأن يأمن على نفسه وأهله ، وينظر تفصيل ذلك في الجواب رقم (13363) ورقم (27211) .
ثانيا :
لا شك أن انتقال الأولاد إلى هذه البلاد فيه مخاطر كبيرة على دينهم وأخلاقهم ، لا سيما على الفتاة التي تعيش مرحلة المراهقة ، والذي يظهر أن هذا هو السبب الذي جعل زوجك لا يرغب في انتقالكم إليه ، ولا ينبغي أن تحملي ذلك على ضعف المودة أو وهن الرابطة التي بينكما ، فإنه لا يُظن بزوجك أن يكون سعيدا في بعده عن زوجته وأبنائه ، والشيطان حريص على الولوج من مثل هذه الثغرات لينفث السموم ، ويثير الشكوك والظنون ، فينبغي الحذر من ذلك .
والمفاضلة بين بقائك في بلد تشعرين فيه بالغربة والوحدة مع الاطمئنان على تربية الأبناء ، وبين الانتقال إلى بلد تكثر فيه مخاطر التربية ، وتعظم فيه فرص الانحراف ، أمر يحتاج إلى دراسة وتأمل وإحاطة بجميع الظروف والملابسات ، وقد لا يقدر على هذا غيركما ، فاستعينا بالله تعالى ، وتشاورا في الأمر ، وناقشاه من جميع زواياه ، مع التركيز على المصالح والمفاسد ، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، ودرء المفاسد وتقليها ، ونحن نضع بين يديك بعض النقاط التي قد تعينك في هذه الموازنة والمفاضلة :
1- إذا أمكن أن تدرس ابنتك في مدرسة إسلامية في المملكة المتحدة ، فهذا يرجّح جانب انتقالك إلى زوجك ، فبه يجتمع الشمل ، وتزول الوحدة ، ويحصل كل منكما على حقه المشروع في السكن والمودة والاستقرار ، ويتأتى به متابعة ابنك الأكبر وتوجيهه ودرء كثير من المخاطر عنه.
2- وكذلك إذا أمكن أن تلتحق ابنتك بنظام دراسة عن بعد داخل المملكة المتحدة أو خارجها ، لتسلم من مفاسد الاختلاط وآثاره ، كان خيار انتقالك مرجحا .
3- إذا كانت حاجتك إلى زوجك ملحة ، وخشيت على نفسك من البقاء بمفردك ، تأكد انتقالك لدفع هذه المفسدة .
4- ينبغي ألا يكون ضمن خيارتك أن تدرس ابنتك في مدرسة مختلطة ، فإن الدراسة المختلطة لا شك في تحريمها ، وليست الدراسة النظامية مما تجب على الفتاة ، وإنما يلزمها تعلم ما تحتاج إليه في دينها ، وهذا يمكن تحصيله بوسائل متعددة ، كحضور الدروس والندوات والاستفادة من المراكز الإسلامية ، والقنوات الفضائية والإنترنت وغيره ، وحيث وجد من يعول الفتاة من أب أو أم أو زوج ، فلا اضطرار إلى الدراسة لغرض الحصول على وظيفة ، وضرورة حفظ الدين مقدمة على تحصيل الكمال في الثقافة والوجاهة .
5- الذي نميل إليه بوجه عام ، هو اجتماع شمل الأسرة في مكان واحد ، ولو أدى إلى تفويت بعض المصالح ؛ لأن المفاسدة المترتبة على تفرقها تزيد على تلك المصالح فيما يظهر لنا .
ونسأل الله لكما العون والتوفيق والسداد .
والله أعلم .