الاثنين 22 جمادى الآخرة 1446 - 23 ديسمبر 2024
العربية

هل تحرص على تربية أبنائها في بلد إسلامي أم تسافر بهم إلى زوجها في بريطانيا؟

145454

تاريخ النشر : 17-02-2010

المشاهدات : 11601

السؤال

أريد منكم نصيحة في أمري وأريد أن أذكر خلفية عنه كي تتفهموا الموقف جيدا . إنني امرأة متزوجة ولدي ثلاثة أطفال . أحدهم من زواجي السابق . ومنذ عامين انتقلت إلى الجزائر وحدي مع زوجي وولدي الأكبر من زوجي السابق . وقد آثر البقاء في المملكة المتحدة لاستكمال دراسته ولم يأت معنا إلى الجزائر . كما أن زوجي الحالي يعمل في المملكة المتحدة ويرعى ولدي الأكبر . وأنا أعيش في الجزائر مع الاثنين الباقيين وهما فتاة في الثالثة عشر من عمرها وولد في الرابعة من عمره . وفي الوقت الحالي تذهب ابنتي إلى المدرسة الإسلامية وهو ما نخطط له من أجل الولد . وقد اتفقت وزوجي علي أن نعيش هكذا واتفقت أن نرى بعضنا كل ثلاثة أشهر وهو ما يفعله والحمد لله . وبينما أنا أعيش وحدي هنا في هذا الوقت وجدت أسرة زوجي الملتزمة جدا والذين لا يقومون بعوننا وتمضي الأسابيع علي أنا وأولادي ولا يروننا . وعندما يفعلون ذلك فإنني أسمع ما يكره يخرج من أفواههم . وإنني والحمد لله أعتني بنفسي وبصغاري وحدي وأرتدي النقاب لأن المجتمع الذي نعيش فيه مليء بالرجال وفي بعض الأوقات أكره الخروج ولكنني مجبرة عليه لألبي احتياجات بيتي وأطفالي . وقد كنت أتمنى أن أعيش هنا ولكنني توصلت في النهاية إلى أنني لن أستطيع أن أتحمل أكثر من ذلك في بلد لا أتحدث لغته وأنا امرأة حديثة العهد بالإسلام وليس معي زوجي . وقد سألت زوجي أن يأتي إلى هنا ويعيش معنا ولكن الأمر صعب للغاية لأن ولدي في الثامنة عشر من عمره وهو الآن يخالط الفتيات منذ تركته وزوجي يعمل طوال اليوم ويتركه وحيدا . وإنني أشعر بالألم والأسى لأنني أشعر بأنني أتحمل ذنب ولدي علي الرغم من أنني بينت له الحلال والحرام أكثر من مرة . ولذلك فإن زوجي لا يستطيع في هذه المرحلة أن يعيش هنا بسبب هذه الأمور. وإنني أراني وأطفالي نعيش هنا وحيدين عاما تلو الآخر وهو ما جعلني أفكر بالعودة إلى المملكة المتحدة وأن نعيش معا مرة أخرى أسرة واحدة لأننا هنا نعاني بشدة من الوحدة . إنني أحب كوني في بلد مسلم وإنه ليكسر قلبي أن أغادر هذا البلد ولكنه لا بد لي أن أكون مع عائلتي ولكنني عندما أخبرت زوجي بهذا الأمر لم يكن سعيدا وقال لي ماذا عن الأطفال؟ إنه ليس مناسبا أن نعيدهم مرة أخرى إلى بريطانيا البلد غير المسلم . وقد جعلني هذا أكثر استياء وقد جعلني أشعر بالوحدة الشديدة وإنني أعرف نعمة البقاء في بلد مسلم ولكن ما أعاني منه هو الوحدة ليس إلا. فليس لدي زوج أو أب أو محرم وإنني في حيرة من أمري وقد صليت الاستخارة مرتين إلى الآن وما يجعلني مستاءة هو علمي بأن زوجي لا يريد عودتي وأولادي إلى بريطانيا. إنني كزوجة أشعر بإحباط شديد حيث إن الرباط الزوجي بيننا لم يعد قويا كما كان وأعرف أنني لو عدت إلى بريطانيا وحدثت أية مشكلة فسوف يرمي بها علي عاتقي . أرجو أن تفيدوني في هذا الأمر .

الجواب

الحمد لله.

أولا :

الإقامة في بلاد الكفر لا تجوز إلا بشروط أهمها : كون المقيم ذا دين يحجزه عن الشهوات ، وذا علم وبصيرة تعصمه من الشبهات ، وأن يتمكن من إظهار شعائره ، وأن يأمن على نفسه وأهله ، وينظر تفصيل ذلك في الجواب رقم (13363) ورقم (27211) .

ثانيا :

لا شك أن انتقال الأولاد إلى هذه البلاد فيه مخاطر كبيرة على دينهم وأخلاقهم ، لا سيما على الفتاة التي تعيش مرحلة المراهقة ، والذي يظهر أن هذا هو السبب الذي جعل زوجك لا يرغب في انتقالكم إليه ، ولا ينبغي أن تحملي ذلك على ضعف المودة أو وهن الرابطة التي بينكما ، فإنه لا يُظن بزوجك أن يكون سعيدا في بعده عن زوجته وأبنائه ، والشيطان حريص على الولوج من مثل هذه الثغرات لينفث السموم ، ويثير الشكوك والظنون ، فينبغي الحذر من ذلك .

والمفاضلة بين بقائك في بلد تشعرين فيه بالغربة والوحدة مع الاطمئنان على تربية الأبناء ، وبين الانتقال إلى بلد تكثر فيه مخاطر التربية ، وتعظم فيه فرص الانحراف ، أمر يحتاج إلى دراسة وتأمل وإحاطة بجميع الظروف والملابسات ، وقد لا يقدر على هذا غيركما ، فاستعينا بالله تعالى ، وتشاورا في الأمر ، وناقشاه من جميع زواياه ، مع التركيز على المصالح والمفاسد ، فإن الشريعة جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها ، ودرء المفاسد وتقليها ، ونحن نضع بين يديك بعض النقاط التي قد تعينك في هذه الموازنة والمفاضلة :

1- إذا أمكن أن تدرس ابنتك في مدرسة إسلامية في المملكة المتحدة ، فهذا يرجّح جانب انتقالك إلى زوجك ، فبه يجتمع الشمل ، وتزول الوحدة ، ويحصل كل منكما على حقه المشروع في السكن والمودة والاستقرار ، ويتأتى به متابعة ابنك الأكبر وتوجيهه ودرء كثير من المخاطر عنه.

2- وكذلك إذا أمكن أن تلتحق ابنتك بنظام دراسة عن بعد داخل المملكة المتحدة أو خارجها ، لتسلم من مفاسد الاختلاط وآثاره ، كان خيار انتقالك مرجحا .

3- إذا كانت حاجتك إلى زوجك ملحة ، وخشيت على نفسك من البقاء بمفردك ، تأكد انتقالك لدفع هذه المفسدة .

4- ينبغي ألا يكون ضمن خيارتك أن تدرس ابنتك في مدرسة مختلطة ، فإن الدراسة المختلطة لا شك في تحريمها ، وليست الدراسة النظامية مما تجب على الفتاة ، وإنما يلزمها تعلم ما تحتاج إليه في دينها ، وهذا يمكن تحصيله بوسائل متعددة ، كحضور الدروس والندوات والاستفادة من المراكز الإسلامية ، والقنوات الفضائية والإنترنت وغيره ، وحيث وجد من يعول الفتاة من أب أو أم أو زوج ، فلا اضطرار إلى الدراسة لغرض الحصول على وظيفة ، وضرورة حفظ الدين مقدمة على تحصيل الكمال في الثقافة والوجاهة .

5- الذي نميل إليه بوجه عام ، هو اجتماع شمل الأسرة في مكان واحد ، ولو أدى إلى تفويت بعض المصالح ؛ لأن المفاسدة المترتبة على تفرقها تزيد على تلك المصالح فيما يظهر لنا .

ونسأل الله لكما العون والتوفيق والسداد .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب