الحمد لله.
قال القرطبي رحمه الله : "قوله تعالى : ( فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره ) أي غير الكفر. ( إنكم إذا مثلهم ) : فدل بهذا على وجوب اجتناب أصحاب المعاصي ، إذا ظهر منهم منكر؛ لأن من لم يجتنبهم فقد رضي فعلهم ، والرضا بالكفر كفر. قال الله عز وجل ( إنكم إذا مثلهم ) ؛ فكل من جلس في مجلس معصية ، ولم ينكر عليهم ، يكون معهم في الوزر سواء.
وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها
؛ فإن لم يقدر على النكير عليهم فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية
" انتهى .
ولاشك أن سماع الطالب لما يقرره النصارى في حق عيسى
عليه السلام ، ومراجعته لهذه الدروس ، وإجابته عليها في الامتحان ، أو كتابته لبحث
في تقريرها وتأييدها ، كل ذلك من أعظم المنكر وأشدّه ، وهو إقرار قبيح بالكفر ، لا
عذر يبيحه أو يسوغه .
وهذه الدراسة برمتها هي وسيلة من وسائل التنصير المعروفة ، والعجب من المسلم أو
المسلمة التي تقبل هذه الدراسة ، وترضى بسماع الكفر الذي يناقض دينها ، بل تكتب ذلك
وتؤيده ، نسأل الله العافية .
فالواجب أن تتركي هذه الجامعة ، وأن تبحثي عن غيرها مما لا يوجد فيه هذا الباطل ،
وينبغي أن يكون بحثك عن جامعة تدرّس الإسلام ، وتعلّم الحق ، ولو كانت الدراسة فيها
انتسابا أو عن بُعد .
سئل الشيخ ابن جبرين رحمه الله : " ما الحكم الشرعي في ذهاب الطلاب من أبناء
المسلمين الذين يدرسون في الخارج للكنيسة ، حيث يفرض عليهم الذهاب لحضور حصص دراسية
، أو سماع كلمة من أحد القسس؟
فأجاب : " أما ذهاب الطلاب إلى الكنائس للحصص الدراسية ، أو سماع كلام القسيس فإن
ذلك لا يجوز ، سيما أبناء المسلمين الذين لم يتضلعوا في عقيدة الإسلام ، ولم يتقنوا
حقيقة دينهم ، وقد ذهبوا إلى تلك البلاد قبل التوغل في معرفة الدين الصحيح ، ونشؤوا
بين أولئك النصارى ، فإن مثل هؤلاء ينخدعون بما يسمعون من أولئك المنصرين الذين
يبذلون قصارى جهدهم في تنصير من قدروا عليه من بني الإنسان ، ولا يتكاثرون ما
أنفقوه في الدعاية إلى دينهم ، فمتى ذهب الشباب إلى تلك المعابد وشاهدوا تلك الصور
، وسمعوا كلمات أولئك القسس ، وما يبالغون فيه من مديح وهراء وحث ومبالغة في مدح
دين النصارى ، لم يؤمن أن ينخدعوا بتلك الدعايات ، ويعلق بقلوبهم ما يعجز أهلوهم عن
إقناعهم بالرجوع عنه ، فالواجب التحذير من المسلمين لأولادهم عن السماع والإصغاء
إلى سماع كلام أولئك النصارى ، وتحذيرهم من دخول تلك الكنائس مهما استطاعوا ، والله
أعلم" انتهى .
والحاصل : أنه لا يجوز لك الاستمرار في هذه الدراسة ،
ولو أدى ذلك لتركك الدراسة الجامعية بالكلية ، فإن مصلحة حفظ الدين مقدمة على كل
مصلحة ، وليس التعليم بعذر يبيح سماع الكفر والسكوت عليه وتقريره وتأييده .
نسأل الله تعالى أن يحفظكِ ويرعاك وأن يحفظ عليك دينك وإيمانك .
والله أعلم .