هل ينتظر حج القرعة الأقل تكلفة أم يحج بتكاليف أعلى في وقته الحالي ؟

09-07-2010

السؤال 150533

أدَّخر مبلغاً للحج منذ أعوام ، ولكن هذا المبلغ في حدود حج القرعة ، هناك استغلال من قبَل شركات السياحة ليصبح الحج السياحي بمصر ضعف حج القرعة ، يوجد استطاعة بتوفير الفَرق على حساب بعض المتطلبات المستقبلية ، وإن كانت غير أساسية ، فهل لي أن أنتظر حج القرعة ، لإحساسي بالاستغلال من قبَل تلك الشركات ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
الحج من أركان الإسلام العملية ، وقد أوجبه الله تعالى على المستطيع مرة في العمر ، قال تعالى ( وَلِلّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) آل عمران/ 97 .
وهو واجب على الفور ، على الصحيح من أقوال العلماء ، وهو قول الجمهور ، فهو قول أبي حنيفة ومالك في المشهور عنه ، وهو أظهر الروايتين عن أحمد ، وهو قول أبي يوسف من الحنفية ، والمزني من الشافعية ، وهو قول داود الظاهري ، وبه يقول طائفة من علمائنا المعاصرين ، كما سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم ( 41702 ) .

ثانياً:
إنما يجب الحج على المستطيع ، وهو الذي يكون صحيح البدن ، ويملك من المال الزائد عن نفقاته الأصلية ونفقات أهله ، ما يستطيع به السفر والرجوع من حجه .
ولينظر جواب السؤال رقم ( 5261 ) .
وقد لا يستطيع الغني صحيح البدن في زمننا هذا الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج ، لما اتفق عليه من سفر عدد محدد من كل بلد ، وقد ذهبت بعض الدول لاعتماد طريقة الأقدم في الميلاد ، ودول أخرى ذهبت لاعتماد طريقة القرعة ، فصار هذا الأمر داخلاً في الاستطاعة الشرعية ، فمن لم يكن سنُّه يؤهله للحج على حسب ترتيب بلده ، أو لم يظهر اسمه في القرعة : لا يعدُّ مستطيعاً ، إلا أن يملك وسيلة أخرى مباحة لا يأخذ بها حق غيره فيكون حينئذٍ من المستطيعين .

ثالثاً:
وعليه : فإذا كان الأخ السائل ليس عنده قدرة مادية للحج السياحي : فلا يعدُّ مستطيعاً ، وأما إن كان يملك من المال ما يستطيع دفعه لذلك النوع من السفر السياحي ، دون أن يؤثِّر في نفقة من تلزمه نفقتهم من أهله وغيرهم : فالذي يظهر أنه مستطيع ، ويجب عليه اختيار الحج المتيسر له الآن لأداء فريضة الحج .
ثم إن هذا هو أنسب له من انتظار حج القرعة من وجوه أخرى - عدا احتمال وفاته - ، منها :
1. أنه الآن مستطيع بدنياً ، وقد يظهر اسمه في القرعة في وقت لا يكون حينها مستطيعاً السفر ببدنه .
2. أنه قد تأتيه مشكلات وموانع تحول بينه وبين ذهابه للحج ، لا سيما وظهور اسمه في القرعة ليس أمرا مقطوعا ، وليس هناك دور ، أو نوبة ، تأتي على كل المتقدمين ، بل قد يمر عليه الزمان الطويل دون أن يصيبه الدور .
ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالتعجل للحج ، وأخبر أنه قد تحصل موانع تمنع القادر الآن من القدرة لاحقاً .
عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ ) .
رواه أبو داود ( 1732 ) وحسنه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وبيَّن بعض الحكَم من هذا التعجل فقال : ( مَنْ أَرَادَ الْحَجَّ فَلْيَتَعَجَّلْ فَإِنَّهُ قَدْ يَمْرَضُ الْمَرِيضُ وَتَضِلُّ الضَّالَّةُ وَتَعْرِضُ الْحَاجَةُ ) رواه ابن ماجه ( 2883 ) وحسَّنه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .
3. أن حج القرعة قد تصل تكاليفه لاحقاً إلى حد الحج السياحي الآن ، والناظر في هذا الأمر في دول العالَم يجده واقعيّاً ، فلا تزال تكاليف الحج تزداد عاماً بعد آخر .

لذلك كله : نرى أن على الأخ السائل التعجل في الذهاب إلى مكة المكرمة لأداء فريضة الحج عن طريق " الحج السياحي " إذا كان يملك من القدرة المالية ما يستطيع دفعه في ذلك النوع من السفر ، من غير أن يؤثر على نفقة أهله وأولاده ومن تلزمه نفقتهم ؛ لأنه ـ حينئذ ـ من المستطيعين للحج .

والله أعلم

الاستطاعة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب