إذا كذب عليك شخص وقال بأن جميع ذنوبك سوف تُغتفر وستعود كما ولدتك أمك إذا دفعت الزكاة كل شهر ، وطلبت منه الدليل فاخترع لك دليلاً ، ثم بدأت أنت تفعل هذا .
إذا كان هذا غير صحيح وبحثت عن الدليل فوجدت أنه دليل غير صحيح ، فهل تمت مغفرة جميع ذنوبك ؟
أسال عن هذا لأنه حصل للكثير من الناس .
جزاكم الله خيراً
الحمد لله.
أما هذا الذي تعمَّد الكذب على الله ورسوله : فإنه متوَّعد بنار جهنَّم ، فعن أبي
هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من كذب عليَّ
متعمِّداً فليتبوأ مقعده من النار).
رواه البخاري ( 110 ) ومسلم ( 2 ) .
وبعض من يكذب على الشرع يظن أنه يحسن صنعاً إذا كان الكذب في باب الفضائل والترغيب
والترهيب !
قال النووي رحمه الله :
لا فرق في تحريم الكذب عليه صلى الله عليه وسلم بين ما كان في الأحكام وما لا حكم
فيه كالترغيب والترهيب والمواعظ وغير ذلك ، فكله حرام من أكبر الكبائر وأقبح
القبائح بإجماع المسلمين الذين يعتد بهم في الإجماع خلافاً للكرامية الطائفة
المبتدعة في زعمهم الباطل أنه يجوز وضع الحديث في الترغيب والترهيب ، وتابعهم على
هذا كثيرون من الجهلة الذين ينسبون أنفسهم إلى الزهد أو ينسبهم جهلة مثلهم ، ...
وهذا الذي انتحلوه وفعلوه واستدلوا به غاية الجهالة ونهاية الغفلة وأدل الدلائل على
بعدهم من معرفة شيء من قواعد الشرع ، وقد جمعوا فيه جملاً من الأغاليط اللائقة
بعقولهم السخيفة وأذهانهم البعيدة الفاسدة ، فخالفوا قول الله عز وجل : (ولا تقف ما
ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا) ، وخالفوا صريح
هذه الأحاديث المتواترة والأحاديث الصريحة المشهورة في إعظام شهادة الزور ، وخالفوا
إجماع أهل الحل والعقد ، وغير ذلك من الدلائل القطعيات في تحريم الكذب على آحاد
الناس فكيف بمن قوله شرع وكلامه وحي ؟ وإذا نظر في قولهم وجد كذباً على الله تعالى
قال الله تعالى : (وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى)" انتهى من " شرح مسلم " (
1 / 70 ، 71 ) .
وما بني على فاسد فهو فاسد ، فمن عملَ بشيءٍ من
العبادات والطاعات يظن أن له أجراً معيَّناً ثم علم أن الأمر ليس كذلك : فليس له ما
ظنه من الأجور ؛ لأن مرد الأجر والثواب إلى الله تعالى لا إلى الأحاديث الضعيفة
والموضوعة .
لكن لا يعني هذا أنه يأثم ؛ وذلك لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم : (مَن أُفتي بغير علم كان إثمه على من أفتاه) رواه أبو داود (
3657 ) وابن ماجه ( 53 ) ، وحسَّنه الشيخ الألباني في " صحيح الجامع " ( 6069 ) .
ويكون لهذا المتصدق أجر على صدقته والصدقة من أسباب مغفرة الذنوب ، أما مغفرة كل
الذنوب بالصدقة فالله أعلم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – في الكلام على من يفعل طاعات مبتدعة - :
لا ريب أن من فعلها متأولاً مجتهداً أو مقلداً : كان له أجرٌ على حسن قصده وعلى
عمله من حيث ما فيه من المشروع ، وكان ما فيه من المبتدع مغفوراً له إذا كان في
اجتهاده أو تقليده من المعذورين ، وكذلك ما ذكر فيها من الفوائد كلها إنما حصلت لما
اشتملت عليه من المشروع في جنسه كالصوم والذكر والقراءة والركوع والسجود وحسن القصد
في عبادة الله وطاعته ودعائه ، وما اشتملت عليه من المكروه وانتفى موجبه بعفو الله
لاجتهاد صاحبها أو تقليده ، وهذا المعنى ثابت في كل ما يُذكر في بعض البدع المكروهة
من الفائدة ، لكن هذا القدر لا يمنع كراهتها والنهي عنها والاعتياض عنها بالمشروع
الذي لا بدعة فيه .
" اقتضاء الصراط المستقيم " ( ص 290 ) .
والله أعلم