الحمد لله.
وقال النووي رحمه الله : "..قال القاضي : مذهب العلماء
كافة الصلاة على كل مسلم ومحدود ومرجوم وقاتل نفسه وولد الزنى ، وعن مالك وغيره :
أن الإمام يجتنب الصلاة على مقتول في حد ... وعن الزهري : لا يصلى على مرجوم ويصلى
على المقتول في قصاص ، وقال أبو حنيفة : لا يصلى على محارب ولا على قتيل الفئة
الباغية..." انتهى من "شرح مسلم" للنووي .
ومما يدل على وجوب الصلاة على أهل المعاصي ما رواه
سمرة رضي الله عنه : (أَنَّ رَجُلًا قَتَلَ نَفْسَهُ بِمَشَاقِصَ فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَمَّا أَنَا فَلَا أُصَلِّي عَلَيْه)
رواه النسائي (1964) وصححه الألباني في "سنن النسائي" .
فظاهره : أن الرسول صلى الله عليه وسلم أقر الصحابة على الصلاة عليه ، وإنما امتنع
صلى الله عليه وسلم عن الصلاة عليه عقوبة له على معصيته ، وزجراً لغيره عن فعلها .
فهذا يدل على مشروعية الصلاة على أهل المعاصي إلا أن الإمام ينبغي أن يمتنع من الصلاة على أهل الكبائر الذين ماتوا وهم مصرون عليها ، اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ، حتى ينزجر الناس عن فعلها .
قال ابن عبد البر رحمه الله : " وهذا أصل في أن لا يصلي الإمام وأئمة الدين على المحدثين ولكنهم لا يمنعون الصلاة عليهم ، بل يأمر بذلك غيره ، كما قال صلى الله عليه وسلم : (صلوا على صحابكم) انتهى من " الاستذكار " (5/85) .
وقال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله: " يصلى على جميع من مات من المسلمين ولو عاصياً : كزان ، وقاطع طريق ، وقاتل ، وغيرهم..لكن لا يصلي الإمام ـ فقط ـ على الغال وقاتل نفسه..." انتهى من فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (3/155).
وسئل رحمه الله : من هو الذي يترك الصلاة على الغال
الآن ؟
فأجاب: " كان السلف الأول الصلاة كانت للأئمة. وفي وقتنا الذي يصلى بالجماعات
والجمعة غيرهم. ففي وقتنا كل إمام مسجد راتب إذا كان فيه تأهيل لذلك؛ بأن كان يحصل
بترك صلاته التأديب فلا مانع.
والله أعلم أنه في كل حارة من الحارات إذا مات في حارتهم فيترك إمام المسجد. وهذا
إذا كان الإمام فيه أهلية العلم، وإلا فالجاهل لا يحصل بتركه التأديب.." انتهى من
فتاوى الشيخ محمد بن إبراهيم (3/155).
والله أعلم