الحمد لله.
أما حكم الأمر الأول : فهو غير جائز باتفاق العلماء لا
يُعرف بينهم خلاف ، وأن هذا مثل تقديم الثمن قبل البيع ، وتقديم الدية قبل القتل ،
وتقديم الكفارة قبل اليمين ، وأن باذل هذا المال قبل ملك النصاب إنما يكون ماله
صدقة تطوع لا زكاة واجبة .
قال ابن قدامة – رحمه الله - :
ولا يجوز تعجيل الزكاة قبل ملك النصاب بغير خلاف علمناه ، ولو ملك بعض نصاب فعجل
زكاته أو زكاة نصاب : لم يجُز ؛ لأنه تعجَّل الحكم قبل سببه .
" المغني " ( 2 / 495 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 35 / 48 ) :
لا خلاف بين الفقهاء في عدم جواز التكفير قبل اليمين ؛ لأنه تقديم الحكم قبل سببه ،
كتقديم الزكاة قبل ملك النصاب ، وكتقديم الصلاة قبل دخول وقتها .
انتهى
وعليه : فإن كان ذهب زوجتك لم يبلغ النصاب – والنصاب 85 جرام عيار 24 - : فيكون ما
تريد بذله هو صدقة تطوع وليس زكاة ذهب ، وإن كان ذهب زوجتك قد بلغ النصاب وتريد
أداء زكاته قبل مرور الحول : فهو الأمر الثاني ، وسيأتي حكمه .
وانظر تفاصيل ما سبق في أجوبة الأسئلة ( 64
) و ( 145770 ) و (
138703 ) .
وأما حكم الأمر الثاني : فالجمهور على جواز تعجيل
إخراج الزكاة لمن ملك النصاب قبل مرور الحول ، وخالف في ذلك المالكية والظاهرية ،
وقالوا : إنها عبادة لا يجوز تقديمها على وقتها ، وقول الجمهور أصح ؛ لأن الزكاة حق
المال فيجوز تعجيلها كتعجيل دية الخطأ المؤجلة ، وكتعجيل الديْن المؤجل .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
قوله " ويجوز تعجيل الزكاة لحولين فأقل " الأقل من الحولين هو حول واحد ، أي : يجوز
للإنسان أن يعجِّل الزكاة قبل وجوبها ، لكن بشرط أن يكون عنده نصاب ، فإن لم يكن
عنده نصاب وقال : سأعجِّل زكاة مالي لأنه سيأتيني مال في المستقبل : فإنه لا يجزئ
إخراجه ؛ لأنه قدَّمها على سبب الوجوب ، وهو ملك النصاب .
وهذا مبني على قاعدة ذكرها ابن رجب رحمه الله في القواعد الفقهية وهي " أن تقديم
الشيء على سببه ملغى، وعلى شرطه جائز " .
مثال ذلك : رجل عنده ( 190 ) درهماً فقال : أريد أن أزكي عن ( 200 ) : فلا يصح ؛
لأنه لم يكمل النصاب ، فلم يوجد السبب ، وتقديم الشيء على سببه : لا يصح .
فإن ملك نصاباً وقدمها قبل تمام الحول : جاز ؛ لأنه قدَّمها بعد السبب وقبل الشرط ؛
لأن شرط الوجوب تمام الحول .
ونظير ذلك : لو أن شخصاً كفَّر عن يمين يريد أن يحلفها قبل اليمين ثم حلف وحنث :
فالكفارة لا تجزئ ؛ لأنها قبل السبب ، ولو حلف وكفَّر قبل أن يحنث : أجزأت الكفارة
؛ لأنه قدَّمها بعد السبب وقبل الشرط .
" الشرح الممتع على زاد المستقنع " ( 6 / 214 ، 215 ) .
وعليه : فإذا كان ذهب زوجتك قد بلغ النصاب فالأصل الانتظار حولاً كاملاً لأداء
الزكاة ، فإذا كانت هناك حاجة لتعجيل الزكاة ، أو وجدت مصلحة في ذلك : فلا مانع من
ذلك ، لكن ليس نصف الزكاة لمرور نصف الحول ، بل لك إخراج الزكاة كاملة ، ولك إخراج
جزء منها أثناء الحول، فإذا حال الحول أخرجت ما تبقى من الزكاة ، بعد خصم الجزء
الذي أخرجته . وسواء مرَّ ستة أشهر منذ بلوغ النصاب أو أقل أو أكثر ، فالأمر لا
يتعلق بالمدة الزمنية ؛ لأنه كله يُطلق عليه تعجيل زكاة .
وانظر تفصيلات مهمَّة في هذا في جواب السؤال رقم (
98528 ) .
نسأل الله أن يتقبل منكم صالح أعمالكم ، وأن يوفقكم لما فيه رضاه ، وأن يجمع بينك وبين زوجتك على خير .
والله أعلم