حكم صلاة الجماعة في " الزوايا "
يوجد أماكن ( زوايا ) تقوم بتقديم دروس بين صلاة المغرب والعشاء أو قراءات جماعية , ولا يرفع فيها الأذان للصلاة ، وغير بعيدة عن المسجد ، فما فضل الصلاة هنا وهناك .
وشكرا .
الجواب
الحمد لله.
مصطلح " الزاوية " أو " الزوايا " مصطلح عام يدخل في أفراده أنواع عديدة ، ولكل نوع
حكمه الشرعي :
1- إذا كان المقصود بـ " الزاوية " المسجد الصغير الذي وُقف لأداء الصلوات جماعة
وإقامة حلقات العلم ، كما هو عرف بعض البلدان : فهذه " الزاوية " تأخذ أحكام المسجد
تماما ، من حيث الصلاة فيها ، وحكم دخول الجنب والحائض ، وأجر الصلاة فيها ، وجميع
الأحكام الأخرى.
قال الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله :
" إذا كانت الزاوية بمثابة المسجد ، ولكنها زاوية صغيرة ، يعني مسجدا صغيرا ، فما
يصلَّى فيها إذا كان هناك مسجد يغني عنها ، فإن كان هناك مسجد يغني عنها - يعني
كبير - يصلى مع الجماعة في المسجد الكبير الذي فيه الإمام وفيه المؤذن ، وإذا كانت
الحارة ليس فيها إلا هذه الزاوية والمسجد الصغير صلوا فيها جماعةً وأذنوا فيها
وأقاموا ، وعُين لها إمام إذا تيسر لها إمام ، وإلا صلى بهم مَن حضر مِن أهل
الاستقامة الذين يصلحون للإمامة ، يصلي بهم خيرهم وأفضلهم إذا كان ليس لها إمام
راتب ، ويؤذن من تيسر منهم إذا لم يكن لها مؤذن راتب . فالحاصل أن الزاوية بمثابة
المسجد الصغير ، يسمون المساجد الصغيرة زوايا في كثيرٍ من البلدان ، فهذه الزوايا
التي هي المساجد الصغيرة يصلى فيها عند الحاجة إليها .
وإذا كانت الحارة والحي فيه مساجد أكبر وأوسع فيصلى مع الكثرة ، وتهجر هذه الزوايا
إذا كان هناك مساجد كبيرة تغني عنها ، أما إذا دعت الحاجة إليها يصلى فيها والحمد
لله " انتهى نقلا عن برنامج نور على الدرب من موقع سماحة الشيخ على الرابط الآتي :
http://www.binbaz.org.sa/mat/16029
2- إذا كانت " الزاوية " يقصد بها البناء المخصص لإقامة حلقات الدرس والتعليم ،
والاجتماع على المشورة في نصح المسلمين ودعوتهم إلى الخير ، ولم تشتمل على إقامة
البدع وإشاعة الخرافات في الناس : فهذه " زوايا " خير وأجر وبركة ، ولها دور كبير
في نصرة الإسلام ونشر الوعي بين المسلمين في بعض بلاد العالم الإسلامي ، ولكنها لا
تأخذ أحكام المساجد ، والصلاة فيها جماعة أفضل من صلاة المنفرد ، لكن لا تبلغ أجر
الصلاة في المسجد كما سبق ترجيحه في موقعنا في الجواب رقم : (52906)
، (72398) .
3- أما إذا أقيمت " الزاوية " لغرض إحياء البدع المضلة ، والمحدثات التي ليست من
دين الله ولا من شرعه ، مثل حلقات الذكر مع الرقص والقفز والسماع ، أو قراءة
الموالد المشتملة على الشركيات الصريحة ، أو ارتكاب السحر والشعوذة ، أو التقرب
بأنواع العبادة والاستغاثة لغير الله تعالى ، أو الانقطاع عن الناس بالكلية ، وهذا
حال كثير من الزوايا المنتشرة في بلاد العالم الإسلامي : فهذه " الزوايا " يجب
مقاطعتها إلا لناصح ، ويحرم الإعانة على إحيائها أو بنائها ، كما ينبغي تحذير الناس
مما يبث فيها من أفكار بعيدة عن عقيدة الإسلام وشريعته .
قال الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله :
" يغلب على الظن أن مثل هذه الزوايا لا تخلو من محظور ، فإذا لم تكن هذه الزاوية
مكاناً للعبادات الباطلة والبدع والمنكرات ، وتحققت القربة في صرف ما يصرف من الوقف
عليها ، ولم يكن واحد من أهلها جمَّاعاً للمال غير متخلق بالأخلاق الفاضلة والآداب
الشرعية : فلا بأس به ، ولا مانع من اعتباره ، وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية جواز
الوقوف على الصوفية ، فقال : ويجوز الوقف على الصوفية ، فمن كان جماعاً للمال ولم
يتخلق بالأخلاق المحمودة ولا تأدب بالآداب الشرعية ، وغلبت عليه الآداب الوضيعة ،
أو كان فاسقاً ، لم يستحق شيئاً " انتهى من" مجموع فتاوى سماحة الشيخ محمد بن
إبراهيم آل الشيخ " (9/49)
والله أعلم .