أنا أعمل كمصمم مواقع ، وهذا يعني أني أصمم مواقع للعملاء ، مؤخراً طلب مني ابن عمي أن أصمم موقعا لشركة ، هذه الشركة تمد عملاءها بكثير من الخدمات المتعددة ، المشكلة هي أن واحدة من هذه الخدمات هي أنها تساعدهم في الحصول على قروض ربوية ، ولكنهم لا يوصلون لهم القرض بل يساعدونهم في إيجاده ، فهل هو حلال أن أصمم لهم هذا الموقع ؟ إن ابن عمي غير مسلِم ويعلم أني مسلم ، وأنا لا أريد أن أعطي صورة سيئة عن المسلمين فأرفض طلبهم هل من الممكن أن تساعدني ؟ . جزاكم الله خيراً .
الحمد لله.
أولا :
لا حرج على المسلم من العمل في مجال تصميم المواقع الإلكترونية المباحة في ذاتها ، وعليه تجنب تصميم المواقع التي تقوم على عمل محرم ، كمواقع البنوك والخمور والأفلام ومواقع المحادثات بين الجنسين وما يشبه ذلك .
والأصل في منع ما هو محرَّم هو قوله تعالى ( وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/ 2 .
فإذا لم يكن الموقع خاصا بعمل محرم ، إنما هو موقع لعمل مباح في أصله ، وإن كان قد يشتمل على بعض المحرمات ، مثل الشركة التي سألت عنها ، جاز لك تصميم موقع لها بشرطين :
الأول : أن يكون الغالب على عمل هذه الشركة الإباحة ، ولا يكون أكثر أعمالها أو أنشطتها في أمر محرم .
الثاني : ألا تقوم أنت بعمل يخص هذا الأمر المحرم .
وبخصوص الشركة التي سألت عنها : فيجوز لك تصميم موقع لها بشرط ألا تكون المعاملة الربوية المذكورة هي النشاط الغالب على هذه الشركة . وألا تقوم أنت في تصميمك بعمل نافذة تخص هذا النشاط المحرم ، أو الدلالة عليه بوجه ما .
وانظر أجوبة الأسئلة ( 105325 ) و ( 22756 ) و ( 121259 ) و ( 109062 ) .
ثانيا :
أما بخصوص ابن عمك فإنَّ إخبارك له بالحكم الشرعي فيما تتركه فيه دعوة للإسلام ، وإن اشتغالك بتصميم الخدمة المحرمة هو ما فيه إساءة للإسلام ؛ إذ لا مسوِّغ لارتكاب المسلم الحرام من أجل إرضاء كافر ، بل إن الكافر نفسه قد يراك متناقضاً إذا علم أن دينك يحرِّم الربا وأنت تصمم خدمةً للحصول عليه في موقع إلكتروني ! .
وعلى المسلم الحذر من التماس رضا الناس بسخط الله تعالى فإن عواقب ذلك تعود عليه بالضرر والسوء ، وقد روى الترمذي - ( 2414 ) وصححه الألباني في " صحيح الترمذي " - عن عَائِشَة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قالت : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ ( مَنْ الْتَمَسَ رِضَا اللَّهِ بِسَخَطِ النَّاسِ كَفَاهُ اللَّهُ مُؤْنَةَ النَّاسِ ، وَمَنْ الْتَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ اللَّهِ وَكَلَهُ اللَّهُ إِلَى النَّاسِ ) ، وقد رواه ابن حبان في " صحيحه " - ( 1 / 501 ) – بلفظ ( مَن التَمَسَ رِضَا الله بِسَخَطِ النَّاسِ رَضِيَ الله تَعَالَى عَنْهُ وَأَرْضَى النَّاسَ عَنْهُ ، وَمَنْ التَمَسَ رِضَا النَّاسِ بِسَخَطِ الله سَخِطَ الله عَلَيْهِ وَأَسْخَطَ عَلَيْهِ النَّاسَ ) .
ولتعلم أن الدعوة الحقيقية ، وترغيب الناس في الدين حقيقة : هو أن تتمسك به ، وأما أن تخبر الناس بأن الإسلام يحرم الربا ـ مثلا ـ ثم أنت تتعامل به ، أو تساعد عليه : فهذا نوع من الصد عن سبيل الله ، وتنفير الناس من دينه ؛ فسيقولون : لو كان حقا هذا الذي يدعونا إليه ، ويخبرنا به : لماذا لم يلتزم هو به ؟!
والله أعلم