حكم وصية الكافر للمسلم والعكس

06-07-2011

السؤال 171344

أنا مهندس كمبيوتر وقد حصلت على عمل في أحد البنوك الاستثمارية في تخصصي، ولا أدري إن كان يجوز لي أن أقبل هذا العمل أم لا؟ سؤال أخر: ترك لي جدي بعض المال بعد وفاته .. ولكن بما أن كل أفراد عائلتي غير مسلمين لا أدري إن كان يجوز لي أخذ ذلك المال أم لا؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
إذا كان البنك قائما على الربا في معاملاته لم يجز العمل فيه مطلقا ، في مجال الكمبيوتر وغيره ؛ لما في ذلك من الإعانة على المنكر العظيم الذي لعن آكله وموكله وشاهداه ، كما روى مسلم (1598) عَنْ جَابِرٍ قَالَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ .
وينظر : سؤال رقم (866) ورقم (26771) ورقم (49829) .
ثانيا :
إذا ترك لك جدك مالا بعد موته ، أي أوصى أن يكون لك مال بعد موته ، فلا حرج عليك في أخذه ؛ لأن وصية الكافر للمسلم تصح .
قال ابن قدامة رحمه الله : " وتصح وصية المسلم للذمي , والذمي للمسلم , والذمي للذمي . روي إجازة وصية المسلم للذمي عن شريح , والشعبي , والثوري , والشافعي , وإسحاق , وأصحاب الرأي . ولا نعلم عن غيرهم خلافهم . وقال محمد بن الحنفية , وعطاء , وقتادة , في قوله تعالى : إلا أن تفعلوا إلى أوليائكم معروفا : هو وصية المسلم لليهودي والنصراني .
وقال سعيد : حدثنا سفيان , عن أيوب , عن عكرمة , أن صفية بنت حيي باعت حجرتها من معاوية بمائة ألف , وكان لها أخ يهودي , فعرضت عليه أن يسلم فيرث , فأبى , فأوصت له بثلث المائة . ولأنه تصح له الهبة , فصحت الوصية له , كالمسلم .
وإذا صحت وصية المسلم للذمي , فوصية الذمي للمسلم والذمي للذمي أولى . ولا تصح إلا بما تصح به وصية المسلم للمسلم . ولو أوصى لوارثه , أو لأجنبي , بأكثر من ثلثه , وقف على إجازة الورثة , كالمسلم سواء " انتهى من "المغني" (6/ 121).
فإذا كانت وصيته في الثلث أو دونه ، صحت الوصية ونفذت . وإن كانت أكثر فهي موقوفة على إجازة الورثة .
وإن كنت تعني أن هذا المال ميراث لك من جدك ، بحسب قوانين البلد الذي تعيش فيه : فالمسلم لا يرث الكافر ، في قول جمهور أهل العلم .
وذهب بعضهم إلى أن المسلم يرث الكافر دون العكس ، وهو قول معاذ بن جبل ، ومعاوية بن أبي سفيان ، ومحمد بن الحنفية ، ومحمد بن علي بن الحسين ، وسعيد بن المسيب ، ومسروق بن الأجدع ، وعبد الله بن مغفل ، ويحيى بن يعمر ، وإسحاق بن راهويه ، كما حكاه عنهم ابن القيم رحمه الله ، وقال : " وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية . قالوا : نرثهم ولا يرثوننا ، كما ننكح نساءهم ولا ينكحون نساءنا " أحكام أهل الذمة (2/ 853 وما بعدها).
وهؤلاء حملوا قول النبي صلى الله عليه وسلم الثابت في الصحيحين : ( لا يرث المسلم الكافر ) على الكافر الحربي ، لا المنافق ، ولا المرتد ، ولا الذمي . وهو قول له وجاهته .
والقول الأول هو قول جمهور أهل العلم ، كما سبق ، وهو أرجح ، وأشبه بظاهر النصوص ، وهو أيضا أحوط للمرء في دينه .
والله أعلم .
الإرث وتوزيع التركة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب