الحمد لله.
فإذا تزوجت ، انتقلت الحضانة
إلى من بعدها ، وفي ذلك خلاف بين الفقهاء ، فمنهم من يرى أنها تنتقل إلى أم الأم ،
وهو قول الجمهور من المذاهب الأربعة ، ومنهم من يرى أنها تنتقل إلى الأب ، وهو
اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم ، وينظر : الموسوعة الفقهية (17/ 302)،
الشرح الممتع (13/ 535).
قال في "زاد المستفنع" : " والأحق بها أم، ثم أمهاتها القربى فالقربى، ثم أب، ثم
أمهاته كذلك، ثم جد، ثم أمهاته كذلك...".
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في شرحه : " وهذا الترتيب الذي ذكره المؤلف ليس
مبنيا على أصل من الدليل، ولا من التعليل، وفيه شيء من التناقض، والنفس لا تطمئن
إليه، ولهذا اختلف العلماء في الترتيب في الحضانة على أقوال متعددة، ولكنها كلها
ليس لها أصل يعتمد عليه، لذلك ذهب شيخ الإسلام رحمه الله: إلى تقديم الأقرب مطلقا،
سواء كان الأب، أو الأم، أو من جهة الأب، أو من جهة الأم، فإن تساويا قدمت الأنثى،
فإن كانا ذكرين أو أنثيين فإنه يقرع بينهما في جهة واحدة، وإلا تقدم جهة الأبوة "
انتهى من "الشرح الممتع" (13/ 535).
ولكن على القول بأن الأب يقدم على أم الأم ، ينبغي النظر في حال الأب ومدى صلاحه
وقدرته على تربية الطفل ، فإن كان فاسدا أو عاجزا عن تربيته انتقلت الحضانة إلى
غيره .
وهذه المسائل ينبغي حلها بتدخل أهل الخير والصلاح ، لاختيار الأصلح للطفل ، والبعد
عن محاولة الإضرار بالزوج أو الزوجة .
ثانيا :
إذا لم تتزوج المرأة وبلغ الطفل سبع سنين :
1-…فإن كان ذكرا ، خير بين أبيه وأمه ، فيكون عند من اختار ، لما روى النسائي
(3496) وأبو داود (2277) أن امرأة جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : فداك
أبي وأمي ، إن زوجي يريد أن يذهب بابني ، وقد نفعني وسقاني من بئر أبي عنبة ، فجاء
زوجها وقال : من يخاصمني في ابني ؟ فقال : (يا غلام ، هذا أبوك وهذه أمك فخذ بيد
أيهما شئت) فأخذ بيد أمه فانطلقت به . والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
وإلى هذا ذهب الحنابلة والشافعية.
2-…وإن كانت أنثى ، فإنها تخير أيضا عند الشافعي رحمه الله .
وقال أبو حنيفة : الأم أحق بها إلى أن تُزوج الفتاة أو تحيض .
وقال مالك : الأم أحق بها إلى أن تُزوج ويدخل بها الزوج .
وقال أحمد : الأب أحق بها ؛ لأن الأب أولى بحفظها .
وينظر : "الموسوعة الفقهية" (17/ 314- 317).
ثالثا :
إذا بلغ الطفل ورشد ، اختار من شاء من أبويه .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا تثبت الحضانة إلا على الطفل أو المعتوه , فأما
البالغ الرشيد , فلا حضانة عليه , وإليه الخيرة في الإقامة عند من شاء من أبويه ,
فإن كان رجلا , فله الانفراد بنفسه , لاستغنائه عنهما , ويستحب أن لا ينفرد عنهما ,
ولا يقطع بره عنهما . وإن كانت جارية لم يكن لها الانفراد ولأبيها منعها منه ; لأنه
لا يؤمن أن يدخل عليها من يفسدها , ويلحق العار بها وبأهلها , وإن لم يكن لها أب ,
فلوليها وأهلها منعها من ذلك " انتهى من "المغني" (8/ 191).
والله أعلم .