هل الصيد كهواية وتسلية جائز في الشريعة ؟ وماذا عن اصطياد الطيور في موسم التزواج ، فقد سمعت أنه غير جائز ، فلو كان هذا صحيح فيعني أن اصطياد " يمام الصخرة " ممنوع لأنه يتزواج طوال العام ؟
الحمد لله.
أولاً :
الصيد يكون على وجهين :
الأول :
الصيد للانتفاع بالمصيد ، إما بالأكل ، أو البيع ، أو التصدق به على المحتاجين ، أو إهدائه للأصدقاء والأقارب ، أو غير ذلك من وجوه الانتفاع . فهذا مباح بإجماع العلماء .
قال الشيخ ابن عثيمين : " فهذا لا شك في جوازه ، وهو مما أحله الله عزّ وجل في كتابه ، وثبتت به السنة عن النبي صلّى الله عليه وسلّم ، وأجمع عليه المسلمون ".
انتهى من " الشرح الممتع " (15/98).
الثاني :
أن يكون الصيد على سبيل اللهو والعبث والتسلية فقط ، وإذا صاده تركه دون أن ينتفع به بشيء .
فهذا النوع من الصيد مكروه عند بعض العلماء ، ومنهم من مال إلى تحريمه .
ومن الأدلة على كراهته ما جاء عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال : ( مَنْ قَتَلَ عُصْفُورًا بِغَيْرِ حَقِّهِ ، سَأَلَهُ اللَّهُ عَنْهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
قِيلَ : وَمَا حَقُّهُ ؟.
قَالَ : ( أَنْ تَذْبَحَهَا فَتَأْكُلَهَا ، وَلَا تَقْطَعْ رَأْسَهَا فَيُرْمَى بِهَا ) ، رواه النسائي (4349) ، والدارمي (1978) ، وقال الذهبي في " المهذب " (7/3614) : " إسناده جيد" ، وصححه ابن الملقن في " البدر المنير" (9/376) ، وحسنه ابن كثير في " إرشاد الفقيه " (1/368) ، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب (1092).
قال الشيخ ابن عثيمين : " فهذا مكروه ، ولو قيل بتحريمه لكان له وجه ؛ لأنه عبث ، وإضاعة مال ، وإضاعة وقت " انتهى من " الشرح الممتع " (15/98).
وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني : " فَلَوْ لَمْ يَقْصِدِ الِانْتِفَاعَ بِهِ حَرُمَ ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ ، بِإِتْلَافِ نَفْسٍ عَبَثًا " انتهى من " فتح الباري " (9/602).
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة " (22/ 512) : " أما قتله لمجرد اللعب واللهو فممنوع ؛ لما فيه من ضياع المال ، مع تعذيب الحيوان ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك" انتهى .
وللاستزادة ينظر جواب السؤال : (152261) .
ثانياً :
لا نعلم نصاً شرعياً يمنع من الصيد في " وقت التزاوج " ، أو " التفريخ " ، فالصيد في هذا الوقت باقٍ على أصل الإباحة .
قال الشيخ ابن عثيمين : " ظاهر الحكم الشرعي أنه جائز ، ولكن الأفضل إذا كان في زمن إفراخها : أن لا يقتلها ، يعني : أن لا يصيدها إلا إذا كان يعرف مكان أفراخها ، ثم صادها وذهب لأفراخها وأخذها ، ثم ذبحها وانتفع بها " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (1/75).
وقد سئل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ : هل ينبغي أن يترك اصطياد بعض الصيود أو بعض الطيور إذا كانت حوامل , أو لها فراخ ؟
فأجاب : " ما سمعت فيه شيئاً [ يعني : لا أعلم دليلا من الشرع أنها تترك ] ؛ لكن فيه شيء من الخير إذا ترك أم الفراخ فهو شيء مناسب ، أما كون ذلك محرم فلا ".
انتهى من " فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم " (12/223).
وقد كره بعض أهل العلم اصطياد الأمهات التي لها أفراخ صغار ، وهم بحاجة إليها .
جاء في " فتاوى اللجنة الدائمة " : " لا يجوز قتل أمهاتها ، أو أخذها حية ، وأولادها صغار تحتاج إلى رعاية أمهاتها " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (22/ 512) .
وقال الشيخ ابن جبرين رحمه الله تعالى : " يُكره صيد الطيور التي لها أفراخ صغيرة ؛ لأن في ذلك إضراراً بأفراخها ، وهكذا أيضًا يُكره أخذ أفراخها في حال صغرهم ؛ لأن في ذلك إضراراً بها لما ركَّب الله فيها من الرحمة لهم .
أما إذا صادها وأخذ أفراخها ، فالظاهر أنه لا مانع من ذلك ؛ لأن الأصل إباحة الصيد المأكول ". انتهى .
والحاصل : أن صيد الطيور في وقت التزاوج والتفريخ ، أو التي لها أفراخ صغار : مباح لا حرج فيه ، وإن كان الأفضل ترك ذلك .
والله أعلم .