الحمد لله.
ثانياً:
لتعلم تلك المرأة أن زناها أشد في الإثم من زنا امرأة ليست متزوجة ، وأن ما فعلته
من معصية تستحق عليه العذاب في تنور في نار جهنم مع الزواني والزانيات ، وأما في
الدنيا : فإنها تستحق بذنبها حدَّ الرجم بالحجارة حتى الموت ؛ لأنها زانية محصنة ،
ولا يشترط في استحقاقها للرجم أن يُدخل الزاني فرجه كله في فرجها ، بل يكفي لثبوت
الحكم واستحقاقها الحد أن يُدخل حشفته في فرجها ، وهو أمر متفق عليه بين الفقهاء لا
خلاف بينهم فيه ، جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 24 / 23 ) - في بيان شروط حد الزنا
المتفق عليها بين الفقهاء - : " لا خلاف بين الفقهاء في أنه يشترط في حد الزنا
إدخال الحشفة أو قدرها من مقطوعها في الفرج ، فلو لم يدخلها أصلا أو أدخل بعضها
فليس عليه الحد لأنه ليس وطئا ، ولا يشترط الإنزال ولا الانتشار عند الإدخال ، فيجب
عليه الحد سواء أنزل أم لا ، انتشر ذكرُه أم لا " .
انتهى .
ولا خلاف في استحقاقها الرجم حتى الموت ، ففي " الموسوعة الفقهية " ( 24 / 22 ) : "
اتفق الفقهاء على أن حد الزاني المحصن : الرجم حتى الموت ، رجلاً كان أو امرأة ،
وقد حكى غير واحد الإجماع على ذلك ، قال ابن قدامة : " وأجمع عليه أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم " .
انتهى
ثالثاً:
ومع عظم ما حصل من كبائر ذنوب من تلك المرأة إلا أن رحمة الله تعالى تسعها إذا هي
سعت لتحصيلها وأرادتها بصدق ، والله تعالى يقبل التوبة عن عباده ويجازي بها أحسن
الجزاء فيبدلها حسنات لمن صدق فيها وجاء بها على وجهها الشرعي المطلوب .
وحتى تكون صادقة في توبتها وإنابتها فإن عليها ترك العمل في تلك الشركة فوراً ودون
تردد ، ولا يحل لها البقاء فيها يوماً واحداً ؛ فعملها في الأصل محرَّم لوجود
الاختلاط ، خشية أن تقع في المحظور ، فها هي تقع في أعظم محظورات الاختلاط وهو
الزنا ، فلا يحل لها البقاء فيها ويجب عليها مغادرتها مهما كانت التضحيات التي
ستقدمها من أجل ذلك ، وحفاظها على شرفها وعرضها تهون معه الأموال والمناصب ، ولعلَّ
دعاة الاختلاط أن يستحيوا من أنفسهم وهم ينظِّرون للناس المنكر والباطل ، ومن كان
العرض عليه غالياً بذل من أجل الحفاظ عليه دمه وماله .
ويجب عليها بعد ترك وظيفتها قطع الصلة بذلك الفاجر ، فلا اتصالات ولا مراسلات ولا
زيارات ، وتقطع كل سبيل توصلها إليه ، أو توصله إليها ، فتغير رقم هاتفها ، أو تدعه
بالكلية ، وتترك الدخول على الإنترنت ، وتقطع كل سبيل يمكن أن تصل بينهما مرة أخرى
.
ويجب عليها الندم على ما حصل منها ندماً مؤكَّداً صادقاً ، ويجب عليها العزم الأكيد
على عدم العود لمثل تلك المعصية مع أي أحدٍ ، مع الإكثار من الأعمال الصالحة ،
ولعلَّ الله أن يوفقها لتوبة صادقة فيجعل حالها بعدها خيراً منها قبلها .
رابعاً:
ننبه تلك المرأة لمسألتين :
الأولى : أنه لا مانع من أن تبحث عن عمل مباح لا اختلاط فيه يختص بالنساء إذا كانت
ظروف زوجها المادية تقتضي منها أن تعينه على الحياة ، وأما إذا كان زوجها في كفاية
وستر فلتلزم بيتها ولتبك على خطيئتها ولتصلح نفسها فيما بينها وبين ربِّها تعالى .
الثانية : أنها لا يجوز لها أن تخبر زوجها بما حصل معها ومع ذلك الموظف الفاجر مهما
كانت الظروف ، بل تستر على نفسها ، ولا تحدِّث بذلك أحداً لا أختاً ولا صديقة ولا
قريبة .
رابعاً:
نوصيك أنتِ – صديقتها – بما أوصيناها به أن لا تخبري أحداً عن ذنبها ، ويجب عليكِ
أن تستري عليها لأنها تريد التوبة ، وأما إذا أصرَّت على البقاء في الشركة وبقيت
على علاقتها بذلك الموظف الفاجر، فهدديها بأنكِ ستخبرين زوجها فإن امتنعت ، وإلا
فأخبريه بالحال ، والأفضل إخبار أهلها قبل زوجها ، وقد ذكرنا هذه المسألة في جواب
السؤال رقم ( 136693 ) فانظريه .
ونسأل الله أن يوفقها لتوبة صادقة وأن ييسر لها من الطاعات ما تكفِّر به ذنوبها
وتعلي درجتها ، ونسأله تعالى أن يحبِّب إليها الإيمان ويزينه في قلبها وأن يكرِّه
إليها الكفر والفسوق والعصيان ، وأن يجعلها من الراشدين .
وقد ذكرنا في جواب السؤال رقم ( 20983
) عقوبات الزنا وكيفية الحذر من الرجوع إليه ، فلينظر .
والله أعلم