تستغفر للمسلمين والمسلمات لأن أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس .
هل يصلح أن أستغفر للمسلمين والمسلمات بنية أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس ؟ وهل يصلح أن أستغفر للوالدين بنية برهم ؟
لأني أقول : أفضل شيء لهم الحسنة ، مع العلم في بعض الأحيان لا أستطيع السيطرة على غضبي ، فأحاول أن أخفف الجلوس معهم ، وأنا أريد البر في نفس الوقت ، فأستغفر لهم ، وكذلك صلة لأرحامي كالأعمام ، إن كنت خجولة ، وأمي بيتوتية ، وهم ليسوا أقاربها ، فلا أستطيع الذهاب لوحدي بسبب مشكلة الرهاب الاجتماعي .
الجواب
الحمد لله.
أولا :
الاستغفار للمسلمين والمسلمات أمر محبوب مندوب إليه ، يقول الله عز وجل : (
وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) محمد/19 ، وهذا وإن
كان خطابا للنبي صلى الله عليه وسلم ، فإن الأصل هو الاقتداء به ، لقوله تعالى : (
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) الأحزاب/19.
قال ابن عطية في تفسيره (5/116) : " وواجب على كل مؤمن أن يستغفر للمؤمنين
والمؤمنات ، فإنها صدقة " انتهى .
وقد قص الله عن نوح عليه السلام قوله : ( رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ
وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ) نوح/28 ،
ولنا في أنبياء الله أسوة وقدوة ، قال الله تعالى : ( أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَى
اللَّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) الأنعام/90 .
وعن ابن جريج قال : " قلت لعطاء : أستغفر للمؤمنين والمؤمنات ؟ قال: " نعم ، قد
أُمر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، فإن ذلك الواجب على الناس ، قال الله لنبيه
صلى الله عليه وسلم : ( وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ ) " . رواه عبد الرزاق في " المصنف " (3122) .
ولا شك أن الاستغفار للمسلمين نفع لهم ، ومن فعل ذلك فهو على خير، كما جاء في
الحديث : ( خير الناس أنفعهم للناس ) رواه الضياء المقدسي ، وصححه الألباني في "
الصحيحة " (426) .
ولا شك أيضا أن الاستغفار للوالدين من البر بهما ، فإن البر يشمل أنواع الخير ،
والدعاء للوالدين من الخير .
ولمعرفة صيغ الاستغفار راجعي إجابة السؤال (39775) .
ثانيا :
عليك أيتها الأخت أن تكظمي غيظك ، وأن تصبري على ما قد تلاقينه من والديك ، وتذكري
فضلهما عليك في حال الصغر ، فإن ذلك مما يعينك على برهما في حال الكبر .
ولا شك كذلك أن الاستغفار للأقارب يعد من الخير والبر ، وهو من صلة الرحم أيضا ،
قال ابن أبي جمرة رحمه الله : " تكون صلة الرحم بالمال ، وبالعون على الحاجة ،
وبدفع الضرر ، وبطلاقة الوجه ، وبالدعاء ، والمعنى الجامع : إيصال ما أمكن من الخير
، ودفع ما أمكن من الشر بحسب الطاقة " انتهى ، من " فتح الباري " (10/418) .
لكن إن استطاع الإنسان أن يصل رحمه بالزيارة ، وصنائع المعروف ، فهو أفضل ، لأن
معنى الصلة متحقق فيها أكثر من غيرها ، ولما يمكن أن يقارنها من أمور البر ،
كالسلام ، والمصافحة ، وطلاقة الوجه ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ومعرفة
حاله إن كان ذا حاجة ، فيعان بالصدقة .
وما ذكرت من عدم قدرتك على زيارة أقاربك ، عليك التغلب عليه ، واستعيني بالله على
ذلك ، وابدئي شيئا فشيئا ، حتى يكون الأمر لديك معتادا .
فإن غلب على ظنك حصول ضرر عليك في نفسك ، أو دينك : فليس عليك حرج في أن تدعي ما
فيه مضرة عليك ، مع اجتهادك في تحصيل ما يمكنك من معاني البر والصلة .
وهكذا نرجو أن تكوني معذورة إن شاء الله ، إذا لم تجدي من يصحبك في زيارة لأقربائك
، وشق عليك أن تزوريهم بمفردك .
على أن هذا بطبيعة الحال : يختلف عن حكم الوالدين ؛ فالوالدان لهم من حق الصلة ،
والصحبة ، والعشرة والبر ، ما ليس لغيرهما ؛ وليس لك أن تتركي صحبتهما ، أو الجلوس
معهما بحجة ما تخافين من الضرر ، أو تشعرين به من الضيق .
وبإمكانك استشارة أهل الاختصاص إذا كنت تعانين حقيقة من الرهاب الاجتماعي .
والله أعلم .