أريد أن أنتحر ، ليس كرها في الدنيا ، بل حبا في لقاء الله !! لا أستطيع الصبر أكثر من ذلك ، حتى لو كان ذلك الذهاب للجهاد ، أريد رؤية الله عز وجل وتكرم اسمه وتقدست صفاته ، هل أدخل النار أن أنتحر بنية رؤية الله ؟
الحمد لله.
الانتحار من كبائر الذنوب ، وليس في الإسلام انتحار بقصد رؤية الله ، أو التقرب إليه ؛ فكيف يتقرب العبد إلى ربه بما نهاه عنه ، وحذره منه ، وتوعده عليه بعظيم العذاب ، وأليم العقاب ؟
ولو كان هذا مشروعا لفعله أحب الناس إلى الله ، وأكثرهم شوقا إلى لقائه ، من الأنبياء والصالحين ، فدع عنك وساوس الشيطان ، واحذر أن تقع في هذا الذنب العظيم الذي قد يحرمك من رؤية الله في الآخرة ، ويودي بك في نار جهنم ، خالدا مخلدا فيها !!
وقد بيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن المنتحر يعاقب يوم القيامة بمثل ما قتل نفسه به .
فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن تردى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن تحسَّى سمّاً فقتل نفسه فسمُّه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ، ومَن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً ) رواه البخاري ( 5442 ) ومسلم ( 109 ) .
وعن ثابت بن الضحاك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( مَن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به يوم القيامة ) رواه البخاري ( 5700 ) ومسلم ( 110 ) .
وعن جندب بن عبد الله رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( كان فيمن كان قبلكم رجل به جرح فجزع فأخذ سكيناً فحز بها يده فما رقأ الدم حتى مات . قال الله تعالى : بادرني عبدي بنفسه حرمت عليه الجنة ) رواه البخاري ( 3276 ) ومسلم ( 113 ) .
وقد ترك النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة على المنتحر ، عقوبةً له ، وزجراً لغيره أن يفعل فعله ، فعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : ( أُتي النبي صلى الله عليه وسلم برجل قتل نفسه بمَشاقص فلم يصل عليه ) رواه مسلم ( 978 ) .
قال النووي :
" المَشاقص : سهام عراض .
وفي هذا الحديث دليل لمن يقول : لا يصلى على قاتل نفسه لعصيانه , وهذا مذهب عمر بن عبد العزيز والأوزاعي , وقال الحسن والنخعي وقتادة ومالك وأبو حنيفة والشافعي وجماهير العلماء : يصلى عليه , وأجابوا عن هذا الحديث بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه بنفسه زجرا للناس عن مثل فعله , وصلت عليه الصحابة " انتهى من " شرح مسلم " ( 7 / 47 ) .
والتقرب إلى الله تعالى يكون بما شرع ، وأفضل ذلك فعل الفرائض ، ثم أداء النوافل ، كما في الحديث الذي رواه البخاري (6502) عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إن الله قال : من عادى لي وليا فقد آذنته بالحرب، وما تقرب إلي عبدي بشيء أحب إلي مما افترضت عليه ، وما يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها وإن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه ).
نسأل الله لك الهداية والتوفيق ، وأن يقيك شر نفسك ، ونزغات الشيطان .
والله أعلم .