لقد أخذت قرضا ربويا لشراء بيت سامحني الله ، وإنني أحاول الآن سد قرضي حيث كان أحد أقربائي يساعدني بالاقتراض منه ، وقد توقف هذا الرجل عن مساعدتي لكوني أسدد دينا ربويا. فهل هذا صحيح ؟ يقول أنه سوف يعاقب ؛ لأنه ساعدني ، وأنا الآن أواجه أوقاتا عصيبة في سدادي لهذا القرض ، فهل يعاقب قريبي هذا لإقراضه إياي بسدادي قرضا ربويا؟
الحمد لله.
أولا: نسأل الله تعالى أن يعفو عنك ، ويتجاوز عما فعلت ، فإن الربا كبيرة من كبائر الذنوب ، وقد جاء فيه من الوعيد ما لم يأت في غيره ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ . فَإِن لَّمْ تَفْعَلُواْ فَأْذَنُواْ بِحَرْبٍ مِّنَ اللّهِ وَرَسُولِهِ ) البقرة/278-279 .
وعَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ : ( لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُؤْكِلَهُ وَكَاتِبَهُ وَشَاهِدَيْهِ ، وَقَالَ : هُمْ سَوَاءٌ ) رواه مسلم ( 1598 ) .
وينظر في وعيد المتعامل بالربا : سؤال رقم (60185) ، ورقم (141948) .
ثانيا:
إن كنت قد تبت من هذه المعاملة الربوية وعزمت على عدم العودة إليها ، وندمت على ذلك ، ولا يمكنك التخلص من هذه الفوائد بحكم أن النظام يلزمك بسداد القروض بفوائدها ، فلا مانع من أن يقوم قريبك بمساعدتك في سداد هذا الدين ، ولا إثم عليه في ذلك ؛ لما في ذلك من تفريج كربتك ، وقد قال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ فَرَّجَ عَنْ مُسْلِمٍ كُرْبَةً فَرَّجَ اللَّهُ عَنْهُ بِهَا كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ) البخاري (2442) ، ومسلم (2580) ، ولأنه كلما تأخر سدادك للدين ، تراكمت الفوائد عليك أكثر ، وأما إعانة التائب على السداد ، فليس فيها منكر ، ولا إعانة على منكر بوجه من الوجوه ، حتى إنه يمكن للمعين أن يصرف شيئا من زكاة ماله للمدين ، إذا لم يكن عنده ما يقضي به دينه ، مما هو فاضل عن حاجته .
وقد نص أهل العلم على أن الغارم لأمر محرم إذا تاب إلى الله فلا بأس أن يعطى من الزكاة في سداد دينه .
قال الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله :
” مسألة : من غرم في محرم ، هل نعطيه من الزكاة ؟
الجواب : إن تاب أعطيناه ، وإلا لم نعطه ، لأن هذا إعانة على المحرم ، ولذلك لو أعطيناه استدان مرة أخرى” انتهى من “الشرح الممتع” (6/235) .
وقال الدكتور عمر سليمان الأشقر : ” ومن ادَّان بالربا فلا يجوز قضاء دينه من مصرف الغارمين في الزكاة ، إلا إذا تاب وأناب من التعامل بالربا ” انتهى .
من ضمن “أبحاث الندوة الخامسة لقضايا الزكاة المعاصرة” صـ210 .
والله أعلم .